انسحاب وزراء الثنائي الشيعي من جلسة الحكومة اللبنانية قبل مناقشة بند حصر السلاح
أكد خبراء ومختصون أن استغلال بيروت دوليًّا لتنديد "اليونيفيل" بالاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي اللبنانية، لن يكون ذا جدوى؛ نظرًا لعدم قدرة الدولة اللبنانية على تنفيذ الالتزامات الخاصة بنزع سلاح ميليشيا "حزب الله".
وأوضحوا في تصريحات، لـ"إرم نيوز"، أن إسرائيل تُقدِّم اعتداءاتها أمام المجتمع الدولي على أنها دفاع عن أمنها، من خلال استهداف فريق مسلح يهدد حدودها وداخلها، وهو ما تدعمه الولايات المتحدة وأطراف أوروبية.
وكانت قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان "اليونيفيل" قد نددت بـ"إطلاق نار مباشر" من الجيش الإسرائيلي على أحد مواقعها في جنوب البلاد، في حادث هو الأول من نوعه منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" قبل أشهر.
يوضح المحلل السياسي اللبناني علي حمادة أن العلاقات بين قوات الطوارئ الدولية لحفظ السلام في لبنان "اليونيفيل" والجانب الإسرائيلي ليست جيدة، وتشهد توترًا دائمًا وانتقادات من الأمم المتحدة لسلوك تل أبيب في الجنوب اللبناني على مستويين.
وبيّن حمادة، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن المستوى الأول الذي توجَّه فيه الانتقادات لإسرائيل هو تجريف الأراضي والقرى في جنوب لبنان، أما الثاني فيتعلق باستمرار احتلال 5 نقاط في الجنوب بحجة الدواعي الأمنية.
ولفت حمادة إلى أن التعديات الإسرائيلية تتركز إلى حد كبير على استهداف المقاتلين والقادة الميدانيين في حزب الله في الجنوب اللبناني ومناطق أخرى، مع الإصرار على نزع السلاح الكامل شمال الليطاني وفي منطقة عمليات اليونيفيل جنوبي نهر الليطاني.
وأضاف أن ما يُضعف قدرة لبنان على استثمار تنديد اليونيفيل هو تمسك الولايات المتحدة بموقفها في هذا الشأن، وهو ما عبّرت عنه نائبة الموفد الأمريكي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في حديث متلفز مؤخّرًا لإحدى المحطات اللبنانية، عندما أشارت إلى أن نزع السلاح يجب أن يشمل كل الأراضي اللبنانية، شمالي وجنوبي الليطاني.
واعتبرت أورتاغوس أن هذا السلاح مرفوض من قبل المجتمع الدولي وفقًا للقرارات الدولية 1701، و1680، و1559.
من جهته، يؤكد الباحث السياسي أنطوان العاصي أن التعديات الإسرائيلية ليست جديدة، وتنديد اليونيفيل لن يشكل نقطة تحول؛ لأن إسرائيل تتعامل بمعزل عن القانون الدولي، وقد تخلت عن أي اتفاق بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولا سيما أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه منذ أشهر يتطلب انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها في الجنوب، لكنها لم تنسحب منها ولم توقف تعدياتها.
ويرى العاصي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه لن يصدر قرار دولي جديد شبيه بالقرارات التي تلتزم بها الدولة اللبنانية، في وقت تتحرك فيه إسرائيل بحرية في الداخل اللبناني، ما يضع ضغوطًا كبيرة على الرئيس اللبناني جوزيف عون ومجلس الوزراء.
ويقول العاصي، إن تل أبيب تقدم للولايات المتحدة مبررات أمنية لعدم الانسحاب من النقاط الخمس، مُصوِّرة مغادرتها على أنها تهديد لأمنها؛ لأن تلك النقاط تُشرف على مناطق واسعة من مستوطنات شمال إسرائيل، كما أن عدم نزع سلاح حزب الله بالكامل يفتح الباب أمام وقوع مناطق في الجنوب تحت سيطرة الحزب، وهو ما يمنع إسرائيل من الانسحاب.
وبحسب العاصي، فإن التحدي الأكبر أمام توجه الدولة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله يتمثل في الوجود الإسرائيلي بهذه النقاط، إلى جانب الغارات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، وهو ما يزيد الضغط على رئيس الجمهورية والجيش اللبناني، في حين أن واشنطن لا تُعير أي اهتمام لتوفير ظروف سياسية تُساعد بيروت على نزع سلاح الحزب نهائيًّا، مما يُفاقم التحديات أمام السلطات اللبنانية.
وتابع العاصي أن لبنان لم يُحقق حتى الآن التزاماته بنزع سلاح حزب الله، وبالتالي، فإن إسرائيل تُقدم نفسها أمام المجتمع الدولي كطرف يدافع عن أمنه من خلال استهداف "فريق مسلح" يهدد حدوده وداخله، وهو ما يُسوَّق له بشكل جيد ويحظى بدعم أمريكي وأوروبي.