logo
العالم العربي

منطقة استثمارية خالية من حزب الله.. هل ينجح "السلام الاقتصادي" في جنوب لبنان؟

قوات للجيش اللبناني قرب الحدود مع إسرائيلالمصدر: رويترز

استبعد باحثون سياسيون واقتصاديون نجاح فكرة "السلام الاقتصادي" في جنوب لبنان، التي طرحت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

أخبار ذات علاقة

جنود من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان "يونيفل" جنوبي لبنان

مع اقتراب نهاية ولاية "اليونيفيل"… جنوب لبنان أمام مرحلة أمنية جديدة

قدمت الفكرة خلال اجتماعات الميكانيزم بين بيروت وتل أبيب، بعد ترفيع الانعقاد إلى المستوى المدني، في ظل رؤية الإدارة الجمهورية بأن إنشاء منطقة استثمارية حدودية سينهي حضور حزب الله في الجنوب، ويقلل حجم المخاطر هناك.

 وأوضح الباحثون في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن إنشاء منطقة اقتصادية في الجنوب اللبناني ممكن ولكن ليس على الحدود أو مع إسرائيل، وإنما في مدن بعيدة عن الحدود مثل صيدا أو صور أو النبطية.

وأكدوا أن ذلك يأتي بعد إنجاز عملية الإعمار وعودة النازحين، بالتزامن مع معالجة أمور أساسية مع تل أبيب، في صدارتها: الخروج من التلال الخمس المحتلة، ووقف الخروقات، والانتهاء الكامل من ترسيم الحدود البحرية والبرية، والوصول إلى ما يشبه اتفاق الهدنة أو فك الاشتباك أو سلام بحد أدنى يمنع الاشتباك بين الطرفين.

 وكان موقع "أكسيوس" أشار في وقت سابق إلى أن المباحثات التي جمعت بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة في الناقورة، ضمن اجتماعات لجنة "الميكانيزم"، تضمنّت عرضًا أمريكيًّا لرؤية بعيدة المدى تقضي بإنشاء ما يعرف بـ"المنطقة الاقتصادية ترامب" على امتداد الحدود، على أن تكون منطقة خالية من وجود حزب الله والأسلحة الثقيلة.

وفي وقت سابق، كان مصدر في البيت الأبيض أكد لـ"إرم نيوز"، أن الرئيس ترامب يرى "المنطقة الاقتصادية" في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل، حلًّا ينهي التهديدات الأمنية للطرفين، ويشكل فائدة اقتصادية لجذب الاستثمارات. 

أخبار ذات علاقة

الحدود اللبنانية الإسرائيلية مقابل المطلة

"منطقة اقتصادية" بجنوب لبنان.. ماذا وراء مشروع ترامب المفاجئ؟

وذكر أن المشروع المقترح من شأنه إحداث "نهضة تجارية واستثمارية" في لبنان، عبر جذب رؤوس أموال لإنشاء مصانع ومناطق لوجستية وميناء يدخل ضمن شبكة النقل البحري العالمي، بما يسهم في تحريك عجلة الإنتاج المحلي وتوسيع قدرة لبنان على التصدير.

وأشار إلى أن هذه المنطقة ستتيح حضورًا لشركات طاقة عالمية للاستفادة من موارد جنوب لبنان، بما يعيد إنتاج نماذج نجاح شهدتها دول خرجت من النزاعات وتحولت إلى مراكز اقتصادية مؤثرة.

حذر لبناني

ويؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي اللبناني، منير يونس، أن هذا المشروع طرح من الولايات المتحدة، وأن إسرائيل رحبت به، في حين يسيطر الحذر على لبنان تجاه الفكرة؛ ما بين ترحيب البعض ورفض آخرين.

وأشار إلى أن مثل هذا المشروع لا يتحقق إلا بشرط السلام، بمعنى أن إنعاش الجنوب وتحويله إلى منطقة مزدهرة يكون النقاش حوله بعد نزع السلاح وإنهاء حالة العداء بين البلدين.

وأفاد يونس في تصريحات لـ"إرم نيوز"، بأن منطقة اقتصادية تحظى بالنمو والازدهار يجب أن تكون مفتوحة، حتى تخدم هذه الدائرة الجغرافية أي المنطقة القائمة بين البلدين، أما اذا كان المشروع يهدف إلى دعم مصالح لبنان وشعبه دون تطبيع، فمن الممكن أن يقام هذا المشروع في مناطق بعيدة عن الحدود ولا سيما أن الجنوب واسع، خاصة في صيدا أو صور أو النبطية، وهي مناطق غير حدودية.

وأشار يونس إلى أن الحديث عن منطقة اقتصادية على الحدود تحمل ضمنًا فكرة أن هذه البقعة تزدهر وتنتعش وتنتج سلعًا وخدمات للطرفين، وحتى يحدث ذلك، يجب أن يكون هناك سلام.

وأوضح: قبل الوصول إلى هذا الشكل، هناك مسارات سياسية وتفاوضية وأمنية وترسيم الحدود وعقبات عدة يجب حلها لمدة زمنية طويلة، وحينئذ من الممكن أن يفتح الحديث حول إنشاء منطقة اقتصادية على الحدود.

وتساءل يونس قائلًا: "هل هذه المنطقة الاقتصادية لخدمة هدف السلام والتطبيع أو ليكون الجنوب بقعة آمنة؟"، مشيرًا إلى أن هناك فَرقًا بين أن يكون هذا المشروع على الحدود بين البلدين أو إنشاء منطقة اقتصادية في جنوب لبنان بالجنوب.

وذكر أنه إذا كانت الفكرة متعلقة بأن يكون داخل لبنان فقط، فمن الممكن إنشاء هذه المنطقة في مدينة جنوبية بعيدة عن الحدود.

غير قابلة للتطبيق

ويقول الباحث في الشأن اللبناني، قاسم يوسف، إن اقتراح هذه المنطقة لتكون بجنوب الليطاني على الشريط الحدودي مع إسرائيل، فكرة طرحها الرئيس دونالد ترامب، على اعتبار أنها تخفف وطأةَ الاشتباك بين البلدين، ولكنها عمليًّا غير قابلة للتطبيق. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

لماذا تفشل "إنجازات السلام" التي يفاخر بها ترامب؟

 ويرى قاسم في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه من المستبعد نجاح السلام الاقتصادي؛ لأن المسألة بين لبنان وإسرائيل تَحكمها أمور أساسية لا بدَّ من معالجتها، في صدارتها: الخروج من التلال الخمس المحتلة، ووقف الخروقات، والانتهاء الكامل من  ترسيم الحدود البحرية والبرية، والوصول إلى ما يشبه اتفاق الهدنة أو فك الاشتباك أو سلام بحد أدنى يمنع الاشتباك بين الطرفين.

وبين قاسم أن اسرائيل قامت بتجريف وتدمير هذه المناطق وهناك أملاك تعود لأصحابها وأهل الجنوب يتمسكون بأراضيهم، وغير متوقع أن يقوم أحد المزارعين، حتى لو كان من النازحين حاليًّا، ببيع أرضه للدولة أو لمستثمر حتى لو كان السعر مغريًا.

وأشار إلى أن هناك 35 قرية تقريبًا في هذه المنطقة تمت تسويتها بالأرض من جانب إسرائيل، وإذا كان الهدف إقامة هذه المشاريع الاستثمارية مكان الأراضي المجرفة والبيوت المهدمة، فهذا أمر شبه مستحيل. 

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

"السلام الأول منذ 3000 عام".. ترامب يستعرض إنجازاته في الشرق الأوسط

ولفت قاسم بالقول إلى بحث إدخال تعديلات على هذه الفكرة، بتدشين مشروع اقتصادي يعمل فيه الشباب الذين يقاتلون مع حزب الله لتوفير فرص عمل لهم، بمعنى إعادة إعمار هذه المناطق وإنشاء بعض المصانع في نقاط متفرقة فيها لتشغيل هؤلاء الشباب ومنعهم من الذهاب إلى خيارات متشددة.

وقال إن هذا أمر من الممكن أن يكون مقبولًا وله بضع فرص، ولكن قبل ذلك، يجب حل المشكلة الأهم بمعالجة الفكر الذي يُستخدم لضم هؤلاء الشباب بخطاب أيديولوجي غير وطني، وجعلهم يرضخون بشكل أو آخر لطلب "الولي الفقيه"؛ ما يجعل المعضلة تتجاوز الجانب المالي أو المعيشي، وتتطلب أن يكون هناك عمل لدفع هؤلاء الشباب نحو دائرة الانتماء للدولة بشكل أكبر.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC