logo
العالم العربي

مع اقتراب نهاية ولاية "اليونيفيل"… جنوب لبنان أمام مرحلة أمنية جديدة

جنود من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان "يونيفل" ...المصدر: (أ ف ب)

كشف مسؤولون أمميون أن طرح إنشاء قوة دولية بديلة لقوات "اليونيفيل" أعاد إلى الواجهة جدلاً حساساً حول مستقبل التوازنات الأمنية في جنوب لبنان، وحدود الدور الدولي في ضبط الاستقرار على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

وبالتوازي مع ذلك، يرى خبراء أن الطرح الفرنسي ـ البريطاني الهادف إلى تشكيل قوة عسكرية أوروبية محتملة لا ينفصل عن مساعٍ أوسع لاستعادة الدور الأوروبي في الشرق الأوسط، في ظل تداخل حسابات دولية وإقليمية تعيد فتح ملف النفوذ وشكل الترتيبات الأمنية المقبلة في لبنان.

وفي هذا السياق، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي بسام ياسين أن العام المقبل سيكون الأخير لقوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل" في لبنان، في وقت لم يُحسم بعد أمر وجود قوات بديلة، سواء كانت أوروبية أو أمريكية أو قوة مشتركة فرنسية ـ بريطانية، للانتشار على الحدود مع إسرائيل.

وأضاف ياسين، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن التوصل إلى اتفاق سياسي من شأنه إسقاط الحاجة إلى أي وجود لقوات أجنبية، على أن يتولى الجيش اللبناني وحده مسؤولية أمن الحدود.

واعتبر أن طرح قبول قوات فرنسية ـ بريطانية فقط على الحدود اللبنانية، من دون مشاركة أمريكية، يُعد مستبعداً، لكونه خياراً لن يحظى بقبول كل من إسرائيل ولبنان، لا سيما في حال وجود اعتراض أمريكي.

وأشار إلى أنه في حال التوصل إلى اتفاق، فإن السيناريو المرجح يتمثل إما في وجود قوة منبثقة عن مجلس الأمن على غرار قوات الأمم المتحدة، أو في تشكيل لجنة لمراقبة الهدنة.

ولفت إلى أن وجود قوات أجنبية على الحدود اللبنانية فقط قد يثير إشكالات داخلية تتعلق بقبول هذه القوات أو رفضها، إذ قد ينظر إليها البعض بوصفها قوات استعمار واحتلال، ما قد يمهد لظهور شكل جديد من الحركات المسلحة تحت مسمى "المقاومة".

واختتم ياسين حديثه بالتأكيد أنه من المبكر الحديث عن طبيعة وحجم القوات التي قد تنتشر على الحدود في حال التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أنه في حال فشل الاتفاق، فلن يكون هناك أي انتشار لقوات، إذ ستتحول المنطقة حينها إلى ساحة صراع وحروب مفتوحة.

ووفقاً لوسائل إعلام لبنانية، لم يُحسم القرار حتى الآن، في ظل تباين واضح بين مسارين متوازيين: مسار أوروبي يسعى إلى الحفاظ على التوازن التقليدي القائم، وآخر أمريكي ـ إسرائيلي يهدف إلى تعديل قواعد الاشتباك بما يتلاءم مع المصالح الاستراتيجية المشتركة.

وفي المقابل، يحاول لبنان الرسمي المناورة بين هذه الخيارات بحذر شديد، إذ إن أي خطأ في الحسابات قد يضع الدولة أمام قوة دولية مشددة، أو يترك فراغاً أمنياً قد تستغله إسرائيل لتبرير عمليات عسكرية موسّعة.

وفي حال جرى إنشاء قوة متعددة الجنسيات على غرار نموذج "الأندوف" في الجولان، فسيُعد ذلك بمثابة إعادة صياغة عملية للقرار 1701، وتحويل الجنوب إلى إطار أمني جديد يرتكز على الرقابة المشددة بدلاً من الرقابة الوقائية التقليدية.

وبالتالي، فإن الطرح الفرنسي والبريطاني القائم على تنظيم قوة بديلة لـ"اليونيفيل" قد تكون أوروبية، يعكس رغبة في استعادة الدور الأوروبي الذي تراجع تدريجياً في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير. إذ ترى فرنسا، الدولة الأكثر حضوراً تاريخياً ضمن قوات اليونيفيل، فرصة لتعزيز نفوذها في شرق المتوسط، فيما تسعى بريطانيا، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، إلى استعادة وزنها العسكري والدبلوماسي عبر مشاركة فاعلة.

وعلى صعيد متصل، يواكب ذلك إصرار إسرائيلي على إشراك واشنطن في أي ترتيبات مرتقبة، في إشارة إلى رغبة مشتركة في فرض رقابة أكثر صرامة على ميليشيا حزب الله، لا سيما في ما يتعلق بالصواريخ الدقيقة وبنيتها الدفاعية، بما يؤدي إلى تعديل قواعد الاشتباك التقليدية بشكل جذري.

وتعليقاً على هذه التطورات، أكدت المتحدثة باسم قوات الأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل"، كانديس أردييل، أن قوات حفظ السلام لا تتدخل في القرارات السياسية أو النقاشات المرتبطة بها، باعتبار أن ذلك يخرج عن نطاق صلاحياتها، مشددة على أن ولاية اليونيفيل مستمدة حصراً من مجلس الأمن الدولي، الذي قرر إنهاء ولايتها مع نهاية عام 2026.

وأضافت أردييل، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه حتى حلول موعد انتهاء مهام اليونيفيل، تواصل قوات حفظ السلام، المؤلفة من نحو 50 دولة، تنفيذ مهامها الأساسية، والمتمثلة في رصد انتهاكات القرار 1701 والخط الأزرق والإبلاغ عنها، إلى جانب دعم القوات المسلحة اللبنانية.

واختتمت بالإشارة إلى أن مجلس الأمن كان قد طلب، في يونيو/حزيران الماضي، من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم خيارات لتنفيذ القرار 1701 بعد مغادرة اليونيفيل لبنان، من دون تقديم توضيحات إضافية في هذا الشأن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC