يلف الانتخابات العراقية المقبلة مصير مجهول على وقع الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، في وقت تتباين فيه المواقف بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات أو المضي بها في موعدها المحدد نهاية العام الحالي.
ومنذ أيام، تتبادل إسرائيل وإيران الضربات الجوية والصاروخية، وسط تحذيرات من توسع رقعة المواجهة إلى دول المنطقة، الأمر الذي يثير مخاوف من ارتدادات أمنية وسياسية على الداخل العراقي.
وأثارت التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط قلقًا واسعًا في العراق، المقبل على انتخابات نيابية في تشرين الثاني/ نوفمبر، وسط تسريبات عن ضغوط سياسية لدفع موعدها، وهو ما قد يُدخل البلاد في فراغٍ دستوري.
بدورها، اتهمت النائبة في البرلمان ضحى رضا، أطرافًا داخلية وخارجية بمحاولة عرقلة الانتخابات عبر دعوات التأجيل، مؤكدة لـ"إرم نيوز" أن "أي تأخير يعد خرقًا دستوريًا صريحًا، ولا يمكن القبول به تحت أي ذريعة".
وأوضحت أن "الحديث المتكرر عن تأجيل الانتخابات يخدم مصالح بعض الأطراف التي تسعى لإطالة عمر الحكومة الحالية خارج الأطر الدستورية"، مبينة أن "هناك نوابًا داخل البرلمان لا يمانعون هذا التأجيل لأسباب ترتبط بمصالحهم الشخصية أو السياسية، لكن ذلك لا يغير من حقيقة أن الانتخابات استحقاق دستوري ثابت لا يجوز المساس به".
وخلال الأشهر الماضية، تكرر الحديث عن تأجيل الانتخابات في الأوساط السياسية، رغم غياب أي مبررات قانونية أو أمنية واضحة، لكن بعض القوى والأحزاب ترى في الانتخابات انتهاء لفترة نفوذها وسطوتها، وتتخوف من الذهاب إلى اقتراع لا يمكن توقع نتائجه.
ويخشى مختصون في الشأن القانوني من دخول البلاد في فراغٍ دستوري إذا جرى تأجيل الانتخابات دون توافق أو سند تشريعي، في وقت تترقب فيه قوى دولية وعربية استقرار مسار العملية السياسية في العراق.
في هذا السياق، يرى الباحث في الشأن السياسي علي ناصر أن "هناك توقعات سابقة كانت تشير إلى احتمال تأجيل الانتخابات العراقية، لكن الاستقرار السياسي النسبي وتأكيدات الحكومة قلّصت من هذا الاحتمال".
وأضاف ناصر لـ"إرم نيوز"، أن "أي تصعيد عسكري داخل العراق، سواء عبر استهداف المصالح الأمريكية أم التحالف الدولي من قبل بعض الفصائل، قد يربك الوضع الأمني ويؤثر على سير الانتخابات وشفافيتها"، مشيرًا إلى أن "هذا السيناريو ما زال مستبعدًا حتى الآن، لكنه يظل واردًا إذا اتسعت المواجهة بين واشنطن وطهران".
ولفت إلى أن "العراق اليوم يُعد جزءًا من الهلال الذي أشار إليه قادة إسرائيل سابقًا (محور الشر)، ما يجعله عرضة للتداعيات إذا ما تصاعدت المواجهة بشكل أوسع".
واعتبر أن "تسارع الأحداث قد ينعكس سلبًا على الاستحقاق الانتخابي، إذا لم يتم الحفاظ على التوازن الأمني والسياسي الحالي".
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد أكدت أن الانتخابات ستجري في موعدها المحدد، مؤكدة عدم وجود أي معرقلات أمام عملها.
وقال رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، في تصريح صحفي، إن "المفوضية تعمل وفق جدول عمليات وتوقيتات زمنية بشأن إكمال إجراءات العملية الانتخابية، ولا يوجد ما يعرقل عمل المفوضية"، مؤكدًا أنها "جاهزة ومستعدة من مختلف النواحي دون أي معوقات".
ورغم الأزمات الأمنية والسياسية التي شهدها العراق منذ 2005 وحتى اليوم، لم يسبق أن تم تأجيل الانتخابات النيابية عن موعدها الدستوري، بل جرى الالتزام بها أو تقديمها بشكل استثنائي كما حدث في انتخابات عام 2021 استجابةً لمطالب الشارع بحل البرلمان المبكر.
ويُستشهد دائمًا بانتخابات 2014 التي أُجريت في ظل اجتياح تنظيم داعش لمناطق واسعة من البلاد، تأكيدًا على أن الانتخابات تبقى أولوية، ويجب إبعادها عن المساومات والحسابات السياسية.