غارات إسرائيلية تستهدف برج الرؤيا في مدينة غزة
قرر قائد قوات حكومة بورتسودان، عبد الفتاح البرهان، تشكيل لجنة للتحقيق بالاتهامات الأمريكية المباشرة باستخدام أسلحة كيميائية، بحسب بيان أوردته وكالة الأنباء"سونا"، يوم الخميس.
وبعد نحو ستة أشهر من أول عقوبات أمريكية طالت البرهان لاتهامه بشكل مباشر بالمسؤولية عن استخدام أسلحة محرّمة دوليا، جاء تحرّك قائد قوات بورتسودان قبل وقت قصير من دخول العقوبات حيّز التنفيذ في الأول من يونيو/حزيران المقبل.
وتشمل العقوبات قيوداً على صادرات واشنطن إلى السودان، ومنع وصوله إلى خطوط الائتمان الحكومية الأمريكية، لكن المقلق للبرهان، تزامن تلك العقوبات مع جهود شعبية وحقوقية في البلاد لتوثيق مجمل انتهاكات قوات بورتسودان والميليشيات الموالية لها، في مسعى جدي لتقديم المتورّطين إلى محاكمات دولية.
وكانت اتهامات واشنطن المتعلقة بانتهاكات أخرى، غير استخدام الأسلحة الكيميائية، قد شملت "تكتيكات الحرب" التي تستخدمها قوات البرهان والميليشيات، مثل القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية، والهجمات على المدارس والأسواق والمستشفيات، والإعدامات خارج نطاق القانون، وحرمان المدنيين من المساعدات، كما ورد في بيان سابق لوزارة الخزانة الأمريكية.
يرى الكاتب والمحلل السوداني، عمار سعيد، أن التفاعل المتأخر للبرهان مع الاتهامات الأمريكية التي طالته بشكل مباشر، يهدف للبحث عن "كبش فداء" خصوصاً إذا لم يتوقف الاستهداف الأمريكي عند العقوبات، وهنا قد تتعدد الجهات التي يخلص "التحقيق الشكلي" إلى مسؤوليتها عن استخدام الكيميائي، سواء أكانوا أشخاصاً داخل دائرة قيادته أم كيانات ميليشاوية تقاتل إلى جانبه.
ويقول في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن البرهان في "مأزق حقيقي"، وأنه قد يتجه لتحميل المسؤولية لبعض الوحدات العسكرية، ذات الخلفيات المتشددة، وعلى رأسها ميليشيا "البراء بن مالك"، التي أصبحت في مرمى نيران التصفيات الداخلية.
وميليشيا "البراء بن مالك" الإخوانية لطالما حمّلتها تقارير حقوقية ووسائل إعلام محلية مسؤولية هجمات بأسلحة محرّمة، كان آخرها في فيديو مسرّب تداولته مواقع إلكترونية سودانية، الأسبوع الماضي في ولاية دارفور التي شهدت العديد من المجازر الانتقامية المروّعة.
وإن كانت أوساط سودانية تستبعد التضحية بقادة ضمن قوات بورتسودان، فإن الخلافات التي طفت على السطح بين البرهان والميليشيات الإخوانية، قد تدفعه لانتهاز الفرصة، وفك التحالف الذي تحدثت تقارير صحفية محلية سابقة عما أصبح يشكّله من عبء على حكومات بورتسودان، مع تنامي صراعات النفوذ.
لكن المستغرب أن يأتي إعلان البرهان عن تشكيل لجنة تحقيق، بعد أيام من الردود الحادة التي صدرت عن حكومة بورتسودان، ردّاً على الاتهامات الأمريكية، عندما وصفتها بأنها "ابتزاز سياسي"، إذ فور صدور قرار الحزمة الجديدة من العقوبات، سارع وزير الثقاقة والإعلام، خالد الإعيسر، إلى "رفض" التصريحات والاتهامات الأمريكية واعتبار أنها "تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق"، وفق قوله.
وشكّل تعليق حكومة بورتسودان على العقوبات الأمريكية حينها تصعيداً كبيراً، ليأتي تشكيل لجنة تحقيق ويمثل تراجعاً واضحاً عن التصعيد، وهو ما يفسّره مراقبون بخشية البرهان من إثارة غضب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
سيسعى البرهان من لجنة التحقيق التي طالب بأن تُعطي "نتائج فورية" إلى محاولة كسب الوقت، حتى تخفيف الضغط الداخلي والدولي، مع عدم استبعاد أن يخلُص تقرير التحقيق إلى اتهام جهات "معادية" كما فعل سابقاً، متجاوزاً الدلائل المثبتة في تقارير حقوقية وصحفية دولية.
ويرى عمار سعيد أن اللجنة قد تكون "مجرد واجهة سياسية لتأجيل الانفجار المحتوم"، لافتاً إلى أن المؤشرات حتى الآن لا توحي بوجود نية جادة لكشف المتورطين الحقيقيين، بل العكس، تشير إلى أن التحقيقات قد تكون غطاء لإعادة ترتيب داخلي على حساب وحدات عسكرية بعينها.
ويستدرك أنه هذه المرة يواجه البرهان تحدياً غير مسبوق، إذ إن المجتمع الدولي لن يكتفي بالتقارير، بل سيتواجد ميدانيا، وإذا ثبت التورط الرسمي، فإن الأمر قد يتجاوز حدود السودان، ليصل إلى المحاكم الدولية، وقد يفتح صفحة جديدة من العزلة والعقوبات، وفق سعيد.