الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
بدأ السباق مبكرًا على منصب رئاسة الجمهورية العراقية، قبيل أيام من موعد الانتخابات النيابية المقررة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، في مشهد يؤشر إلى تصاعد التنافس بين المكونات السياسية لإعادة رسم خريطة توزيع المناصب السيادية بعد نحو عقدين من ثبات العرف السياسي القائم على تقاسم السلطة بين الشيعة والكرد والسنة.
ويعيد إعلان رئيس حزب "تقدم" محمد الحلبوسي، استعداده للتقدم لأي منصب سيادي يقرره المكون السني، الجدل مجددًا حول موقع المكون العربي السني في التوازنات العليا للدولة العراقية.
وقال الحلبوسي خلال مؤتمر انتخابي في الأنبار، إن "القرار بشأن المنصب السني المقبل سيكون بيد المكون السني نفسه، وسأتقدم للمنصب العربي السني أيًا كان، سواء رئاسة الجمهورية أم البرلمان"، مؤكدًا أن "الحق سيعود إلى أهله".
ويمثل هذا الموقف أوضح تعبير حتى الآن عن رغبة القوى السنية في إعادة النظر بتوزيع المناصب العليا الذي استقر منذ عام 2005، حين أُسند منصب رئيس الجمهورية إلى المكون الكردي، في إطار تفاهمات سياسية جرت حينها.
لكن المشهد الجديد يوحي بوجود رغبة داخل البيت السني لاستعادة بعض من حضوره السياسي، خاصة بعد انقسام الكرد بين الحزبين الرئيسين، الديمقراطي والاتحاد الوطني، حول هوية مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية، ما فتح الباب أمام قوى سنية لطرح نفسها بديلًا محتملًا إذا ما فشلت القوى الكردية في التفاهم على مرشح موحد.
بدوره، أوضح القيادي في حزب تقدم، عمار الجميلي، أن "مسألة تقسيم الرئاسات الثلاث جاءت وفق عرف وضعه بول بريمر بعد عام 2003"، مبينًا أن "السنة يأتون بعد المكون الشيعي الذي يحصل دائمًا على رئاسة الوزراء، ومن الطبيعي أن يختاروا استحقاقهم وفق هذا المعيار".
وأضاف الجميلي، لـ"إرم نيوز"، أن "العراق بلد عربي له دور كبير في المنطقة، ومن باب أولى أن يكون رئيسه عربيًا حتى يتحقق التوازن بين العراق ومحيطه العربي"، مشيرًا إلى أن "المطالبة بهذا المنصب لا تهدف إلى خلق أزمة سياسية، وإنما إلى إعادة تصحيح التوازنات داخل الدولة".
وفي الوقت الذي تتحرك فيه القوى السنية لاستعادة بعض مواقعها، تترقب الأحزاب الكردية الموقف بحذر، إذ يتمسك "الاتحاد الوطني الكردستاني" بالمنصب بوصفه استحقاقًا تاريخيًا للمكون الكردي، بينما يربط "الحزب الديمقراطي الكردستاني" موقفه بنتائج الانتخابات المقبلة وما ستسفر عنه من تحالفات جديدة داخل البرلمان.
ويرى مراقبون أن بروز الطرح السني في هذا التوقيت يؤشر على رغبة في استثمار حالة الانقسام داخل المكونات الأخرى، خصوصًا أن القوى الشيعية منشغلة بصراعها الانتخابي الداخلي، بينما لم تنجح القوى الكردية سابقًا في تقديم مرشح توافقي مقبول من الطرفين.
من جانبه، رأى الباحث في الشأن السياسي، حيدر العوادي، أن "المرحلة المقبلة ربما تشهد تغيرًا في بعض المعادلات السياسية، لكن هذا التغيير ليس مضمونًا بالكامل"، مضيفًا أن "قوى شيعية مؤثرة لا تزال تتحفظ على أي مسار يمس العرف القائم، خشية أن يؤدي ذلك إلى تعطيل عملية تكليف مرشح رئاسة الوزراء أو الدخول في فراغ سياسي طويل".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المطالب السنية تعبر عن محاولة لإعادة التوازن داخل النظام السياسي العراقي، لكنها تصطدم بممانعة الأطراف التي ترى أن تعديل العرف القائم قد يفتح الباب أمام إعادة توزيع النفوذ من جديد بطريقة يصعب ضبطها".
ويأتي هذا السجال في ظل احتدام الحملات الانتخابية، ومحاولات كل مكوّن سياسي استثمار أوراق القوة التي يمتلكها، استعدادًا لمرحلة ما بعد الانتخابات التي يُتوقع أن تشهد مفاوضات صعبة لتشكيل الحكومة الجديدة وتحديد هوية شاغلي المناصب السيادية الثلاثة.
ويبدو – وفق مراقبين - أن العراق مقبل على مرحلة سياسية أكثر انفتاحًا على التغيير، لكنها محكومة بتوازنات دقيقة بين شركاء العملية السياسية.