ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
يواجه العراق تحدياً أمنياً جديداً مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وتكثف الحكومة ومفوضية الانتخابات استعداداتهما لضمان سير العملية الانتخابية وسط أجواء مشحونة بالتوتر السياسي، ومخاوف من عودة مشاهد العنف والترهيب التي رافقت بعض الدورات السابقة.
وتعد هذه الانتخابات اختباراً فعلياً لقدرة مؤسسات الدولة على بسط سيطرتها في وجه تصاعد نفوذ الميليشيات المسلحة، وضمان مشاركة آمنة للناخبين والمرشحين، بعد أن شهدت انتخابات سابقة حوادث تفجير قرب المراكز الانتخابية، واعتداءات طالت مرشحين ومكاتب تابعة لهم في مناطق متفرقة من البلاد.
وأكدت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن "الخطة الأمنية الخاصة بيوم الاقتراع صيغت بمهنية عالية، وتعتمد على الجهد الاستخباري والتقنيات الرقمية الحديثة وكاميرات المراقبة، مع التشديد على عدم عسكرة المدن".
وأوضح المتحدث باسم الوزارة، العميد عباس البهادلي، أن "يوم التصويت الخاص سيشهد مشاركة ثلث القوات الأمنية في عملية الاقتراع، بينما يواصل الثلثان الآخران مهام تأمين المراكز الانتخابية بانسيابية عالية".
وأضاف أن "القرار المتعلق بفرض حظر التجوال لم يُتخذ بعد، وسيُحدد وفقاً لتقديرات الموقف الأمني في حينه".
وفي هذا السياق، أوضحت عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات نبراس أبو سودة أن "المفوضية تنسق بشكل مستمر مع اللجنة الأمنية العليا للانتخابات، وهي لجنة تضم ممثلين عن جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، إضافة إلى رئاسة الإدارة الانتخابية برئاسة القاضي عامر الحسيني".
وأضافت لـ"إرم نيوز"، أن "اللجنة تعمل على ضمان توفير بيئة آمنة ليوم الاقتراع، وقد أُعدت خطط تفصيلية تشمل مراقبة العملية الانتخابية بالكامل والتعامل السريع مع أي طارئ أو تحد محتمل".
وأشارت إلى أن "التحديات المعروفة مثل إدارة الحشود أو محاولات تعطيل التصويت تمت معالجتها مسبقاً من خلال خطط وقائية واستجابة فورية".
وتشير معلومات من مصادر أمنية إلى أن آلاف العناصر من الشرطة والجيش سينتشرون لتأمين أكثر من 8 آلاف مركز اقتراع في عموم المحافظات، مع تفعيل غرف عمليات مشتركة تربط المفوضية باللجنة الأمنية العليا، لضمان تدفق المعلومات الميدانية بشكل فوري ومتابعة أي حادث قد يطرأ خلال ساعات الاقتراع.
ويرى الباحث الأمني رياض الجبوري أن "الأمن الانتخابي في العراق ما زال يواجه تحديات بنيوية تتعلق بانتشار السلاح خارج سلطة الدولة ونفوذ الميليشيات".
وأوضح أن "ضمان نزاهة الانتخابات لا يتحقق فقط عبر نشر القوات، بل من خلال تفكيك بيئة التهديد التي تنتجها الجماعات المسلحة التي تملك المال والسلاح والنفوذ السياسي".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المرحلة الحالية تتطلب ضبطاً صارماً للسلاح المنفلت، وضمان حياد الأجهزة الأمنية، ووقف تدخل أي فصائل مسلحة في توجيه أصوات الناخبين أو الضغط على المرشحين"، مؤكداً أن "تكرار ظواهر العنف الانتخابي يهدد فكرة التداول السلمي للسلطة في جوهرها".
وأبلغ مرشحون وسياسيون عن تعرض بعض الناخبين في مناطق مختلفة لعمليات تهديد وترهيب تمارسها جهات مسلحة تهدف إلى توجيه الأصوات نحو مرشحين محددين، خصوصاً في المناطق الواقعة جنوبي بغداد وأريافها، حيث يضعف الوجود الأمني وتزداد سيطرة الميليشيات على المشهد المحلي.
وأشاروا إلى أن تلك الجهات تستغل نفوذها وسلاحها في الضغط على السكان وإجبارهم على الالتزام بخيارات انتخابية معينة، ما أثار قلقاً واسعاً من أن تتحول العملية الانتخابية إلى ساحة نفوذ تفرض فيها الجماعات المسلحة إرادتها، بدلاً من أن تكون تعبيراً حراً عن إرادة الناخبين.
بدوره، أوضح المحلل السياسي محمد التميمي أن "ضمان الأمن الانتخابي يرتبط أيضاً بالثقة بين المواطن والدولة، لأن المواطن حين يشعر أن صوته لن يصادر، وأن المرشح لا يملك سلطة السلاح أو المال، سيشارك بثقة في العملية".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "التحضيرات الحالية تعكس جدية أكبر من المفوضية والحكومة، لكن التحدي الحقيقي يكمن في اليوم التالي للانتخابات، أي في كيفية إدارة النتائج ومنع أي طرف مسلح من فرض إرادته السياسية بالقوة أو التهديد".
وتشير تقارير إلى أن وزارة الداخلية وضعت خطة بثلاث مراحل لتأمين العملية الانتخابية؛ الأولى تتعلق بتأمين الحملات الدعائية والطرق المؤدية للمراكز، والثانية تخص يوم الاقتراع نفسه، والثالثة تُعنى بحماية صناديق الاقتراع وعمليات العد والنقل إلى المراكز المركزية.
وفي خضم هذه الاستعدادات، شهدت محافظات عراقية عدة خلال الأيام الماضية حوادث عنف انتخابي، تمثلت بمحاولات اغتيال وهجمات مسلحة استهدفت مرشحين ومكاتب انتخابية في البصرة وبغداد.
وأكدت الأجهزة الأمنية أنها فتحت تحقيقات عاجلة في تلك الحوادث التي تزامنت مع تصاعد التنافس السياسي بين الكتل الكبرى.
وشهدت الانتخابات السابقة في البلاد أعمال عنف مماثلة، من بينها تفجيرات قرب مراكز اقتراع واعتداءات على فرق المفوضية ومكاتب بعض المرشحين في بغداد وديالى ونينوى، ما يجعل الانتخابات المقبلة محاطة بمخاوف متجددة من تكرار السيناريو نفسه في ظل استمرار السلاح المنفلت.
ويرى مختصون أن نجاح التجربة الانتخابية المقبلة سيقاس بقدرة الحكومة على تحييد نفوذ الميليشيات وفرض سلطة القانون على الجميع.