على الرغم من مرور عامين على أحداث 7 أكتوبر 2023 ، إلا أن الجدل ما زال قائما حول ضربة البداية من حركة حماس بالهجوم على غلاف غزة واقتحام المستوطنات الإسرائيلية وخطف الأسرى من هناك والعودة بهم إلى داخل القطاع.
ويتمحور الجدل بالمقام الأول حول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومدى علمه من جهة بهذا التحرك، ومن جهة أخرى بالتأخر لما يقارب 7 ساعات، مما جعل حماس تحقق جانبا من أهدافها في هذا اليوم.
وتتراوح تقديرات الخبراء، ما بين تعمد نتنياهو عدم مواجهة الهجوم في بدايته لرغبته في الحصول على ذريعة يستطيع من خلالها الذهاب بحرب شاملة ومدمرة على القطاع يأخذ في ظاهره استعادة الرهائن بينما يخفي مخطط تهجير سكان غزة.
فيما تأتي ترجيحات أخرى، بأن ما حمله هجوم حماس من مباغتة أربك الحكومة الإسرائيلية وفي مقدمتها نتنياهو، وهو ما جعلها تستنزف وقتا طويلا للتعامل مع هجوم 7 أكتوبر 2023.
ويقول المحلل السياسي الفلسطيني، زيد نعيم الطوباسي، إن المتابع للأحداث منذ اللحظة الأولى يجد أن الطريقة التي اقتحمت بها مجموعات حماس غلاف المستوطنات الإسرائيلية، تدعو للكثير من الشك والريبة وسط عدة علامات استفهام.
وفي تصريحات لـ"إرم نيوز"، فسر الطوباسي ذلك، قائلا "كان هناك أكثر من 2000 مقاتل يتبعون حماس اقتحموا حدود غلاف غزة علما أن السياج الفاصل بين القطاع والمستوطنات مزود بأجهزة رادار متقدمة للغاية قادرة على استشعار حتى تحرك نملة أو ذبابة حول السياج الفاصل لكن سهولة دخول مجموعات حماس إلى الغلاف في هذا اليوم، يحمل تساؤلات طرحت لاسيما مع ما برز في تحقيقات إسرائيلية جاءت بشهادات أمام الكنيست لجنود إسرائيليين كانوا يخدمون كحرس حدود في غلاف غزة هذا اليوم".
واستكمل أن "هذه الشهادات ورد فيها على لسان الجنود الإسرائيليين أن في تمام الخامسة والنصف صباحا جاءت لهم إشارة عبر اللاسلكي تواصلت حتى التاسعة والنصف صباحا، مفادها أنه لا داعي لتسيير دوريات مع قطاع غزة، وأن الأمر على ما يرام ولا يوجد أي مخاطر".
أما الأمر الثاني بحسب الطوباسي، هو أن زوجة هرتسي هليفي، رئيس هيئة الأركان في هذا الوقت، أكدت أن قبل 7 أكتوبر بساعات غادر زوجها وقال لها "سنقوم بتدمير غزة اليوم"، مما يوضح أنه كان لديه معلومات مسبقة بأن هناك عملية ستحدث، بالإضافة إلى أن المجندات المتواجدات في مقصورة شاشات الرادار أفدن أنه تم إبلاغ القيادة العسكرية العليا أن هناك تحركات وتدريبات تحاكي اقتحام حدود تقوم به حماس حول الجدار مع مستوطنات الغلاف.
وأشار الطوباسي إلى أن هذه الدلائل تؤكد أن إسرائيل كان لديها علم بهذه العملية، متسائلا لماذا صمتت تل أبيب على مجموعات حماس وهي داخل مستوطنات الغلاف لمدة 7 ساعات؟، حيث لم تتدخل أي وحدة أمنية أو عسكرية للتعامل مع مجموعات الحركة حتى أنه تم إذاعة ونشر فيديو لطائرة أباتشي تحوم حول رطل من دوريات حماس داخل مستوطنات الغلاف وتلقى الطيار تعليمات بعدم التعامل مع الرطل حتى يتلقى التعليمات.
وأردف أن كل هذه الشهادات والوقائع تؤكد أن إسرائيل كانت على علم بالعملية وسهلت دخول مجموعات حماس إلى الغلاف من أجل تحقيق مشاريع أكبر من القضاء على الحركة وهي التهام قطاع غزة بالكامل وتدميره وإجبار السكان على التهجير.
وشدد الطوباسي على أن نتنياهو له مصلحة بما جرى يوم 7 أكتوبر من أجل أن يمد في عمر حكومته التي كانت تترنح قبل 7 أكتوبر وكان متوقعا سقوطها إلا أن ما حدث في هذا اليوم أنقذه من السقوط واستخدمه لمصلحته الشخصية، وهو ما يوضح أنه ليس بريئا بما جرى في هذا اليوم وكان على علم وسهل دخول مقاتلي حماس على الغلاف من أجل الحفاظ على مستقبله السياسي.
بينما يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي، الدكتور نزار نزال، أن ما حصل في 7 أكتوبر كان مفاجأة للمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية من خلال دفع حماس وقتئذ 1400 مقاتل من نخبة القسام، مما نتج عنه انهيار لفرقة غزة الإسرائيلية.
وأضاف نزال في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن إسرائيل تعتمد على فرقة غزة في صد أي هجوم على الغلاف، وهي مكلفة بمنع أي تحرك أو تهديد تجاه المستوطنات وما قبلها، لتتعرض في هذا الوقت لانهيار وقتي بعد أن تم ضربها في مقتل.
وبين نزال أن تل أبيب في هذا التوقيت حاولت إرسال تعزيزات بعد مضي أكثر من ساعة ونصف من الهجوم، ولكن أطلقت قذيفة على طائرة إسرائيلية هليكوبتر "طوافة" كانت تحاول أن تنقل وتعزز الإمدادات، ليكون هناك حالة من الإرباك والهلع والتوتر بشكل كبير.
وأوضح الباحث السياسي أن المستوطنين الإسرائيليين المتواجدين في مناطق حول غلاف غزة إما فروا أو قاموا بالاختباء، وعندما بدأت القوات العسكرية رصد ما ينشر من صور على مواقع التواصل الاجتماعي لجنود ملطخين بدمائهم على الأرض وقتلى بالجملة وهجوم على احتفال موسيقي، شكل استيعابا كبيرا لما جرى.
وتابع أن الجيش الإسرائيلي لم يستطع وقتئذ تحصين المواقع بعد أن اقتحمت كتائب القسام وقوى تابعة لها هذه الأماكن في غضون ساعة، وأضاف "بالتالي لم تعد إسرائيل قادرة على التعامل مع عنصر المفاجأة لدرجة أنه لم يعد هناك قدرة على إحصاء الأعداد الذين دخلوا إلى منطقة الغلاف بعد أن دمرت الحدود".
ولفت نزال إلى أنه جاء باعتقاد للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن خط الدفاع الأول كسر وفرقة غزة سقطت كليا وكان الابتعاد عن الحدود من جانب القوات الإسرائيلية مع قطاع غزة ليكون هناك تعزيزات لصد المقاتلين وجموع الناس الغفيرة الذين دخلوا إلى الغلاف.