logo
العالم العربي

من القرض الحسن إلى جود.. حزب الله يعيد تدوير ذراعه المالية تحت الضغط‎

مقر تابع لمؤسسة القرض الحسن المصدر: أرشيفية

أكد خبراء اقتصاديون ومختصون في العلاقات الدولية، أن تغيير اسم مؤسسة "القرض الحسن" التابعة لميليشيا حزب الله إلى "جود"، لن يكون مقبولًا لدى المجتمع الدولي الذي تكمن أزمته مع هذه الذراع المالية في أنها ممر لتمويل الميليشيات اللبنانية ويتم من خلالها معاملاته المالية "المشبوهة".

واستبعدوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، ترخيص مصرف لبنان لـ"جود" لتكون بدلًا من "القرض الحسن" التي يفرض عقوبات دولية على الأسماء التي تديرها منذ عام 2007      و2016 على خلفية ضلوعها في عمليات نقل الأموال وتبييضها لصالح أفراد وكيانات عسكرية ومساهمتها في تقويض استقرار الدولة؛ ما يصعب انضواء تلك المؤسسات تحت الشرعية المالية وخضوعها لوصاية مصرف لبنان.

أخبار ذات علاقة

مؤسسة القرض الحسن- الذراع المالي لميليشيا حزب الله

موارد حزب الله "في مهب العاصفة".. لبنان يحارب "القرض الحسن" و"الكاش"

التدوير بالأسماء

وبينوا أن عملية التدوير بالأسماء من جانب حزب الله لذراعه المالية، ستلاقي عقبات ضخمة لن تجعله ينجح في تحقيق أهدافه فيما يتعلق بإعادة تنظيم مصادر التمويل ومساراتها بالتزامن مع عمل الحكومة اللبنانية على تجفيف هذه المنابع على المستوى الداخلي بضغط دولي، في ظل ربط عدم تقديم أي نوع تمويل إلى لبنان مقابل سد هذه الثغرات التي تمثل تسربًا للأموال إلى جهات غير رسمية. 

وبدأ حزب الله مؤخرًا، إجراءات في التهرب من ملاحقة ذراعه المالية في الداخل والخارج، وذلك من خلال تحول اسم "القرض الحسن" تدريجيًّا إلى "جود"، في محاولة للالتفاف على ضغوط من واشنطن وتحرك مصرف لبنان نحو مصادر تمويله.

وعرفت القرض الحسن في السنوات الماضية كمؤسسة تمنح القروض المالية من دون فوائد، بضمانة الذهب أو كفالات مالية من قبل مودعين آخرين، وتخطى عدد زبائنها 300 ألف شخص في 2024 استفادوا من قروضها الميسرة، كما قدمت قروضًا زراعية وصناعية وتجارية لمؤسسات صغيرة، وانتشرت بأكثر من 34 فرعًا داخل لبنان.

أخبار ذات علاقة

مؤسسة القرض الحسن- الذراع المالي لميليشيا حزب الله

أبرزها "القرض الحسن".. واشنطن تسلم بيروت قائمة شروط لتجفيف منابع تمويل حزب الله

تغيير غير مقبول

ويقول الباحث الاقتصادي اللبناني، خالد أبو شقرا، إن تغيير اسم "القرض الحسن" إلى "جود" وتحويل جانب من طريقة العمل إلى بيع الذهب وشرائه بالتقسيط، لن يكون مقبولًا لدى المجتمع الدولي الذي تكمن أزمته مع هذه الجمعية بالذات، أنها ممر لتمويل حزب الله وعبرها تتم معاملاته المالية. 

وأضاف أبو شقرا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن في إطار الضغط اليوم على حزب الله لتسليم سلاحه وحل أذرعه العسكرية، يجب وقف هذا الجانب الكبير من التمويل الذي يمر للتنظيم عبر هذه الجمعية، وبالتالي من حيث الشكل، فإن تغير الاسم لن يكون مقبولًا.

القرض الحسن وتبييض الأموال

وأفاد أبو شقرا، بأن من الصعب اليوم أن تلاقي هذه الجمعية سواء كانت القرض الحسن أو جود، إمكانية الترخيص من مصرف لبنان بوصفه السلطة المنظمة للقطاع المالي في البلاد، نظرًا لأن الأسماء التي تدير القرض الحسن عليها عقوبات أو مهددة بها من الخارج، والمؤسسة ذاتها مفروض عليها عقوبات دولية منذ عام 2007 وفي 2016 على خلفية ضلوعها في عمليات نقل الأموال وتبييضها لصالح أفراد وكيانات عسكرية ومساهمتها في تقويض استقرار الدولة، من وجهة النظر الأمريكية تحديدًا، وبالتالي من الصعب انضواء تلك المؤسسات تحت الشرعية المالية وخضوعها لوصاية مصرف لبنان.

وتحدث أبو شقرا، أن لبنان حاليًّا مصنف على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي ولدى وكالات التصنيف الدولية موديز، فيتش، ستاندرد آند بورز وغيرها، وبالتالي فإن كل الأضواء اليوم مسلطة على بيروت وأي محاولة لعدم فرض الانتظام المالي وتقليل الاقتصاد النقدي ومكافحة الاقتصاد غير الشرعي وتبييض الأموال بشكل أساسي وتطبيق القوانين، سيعرض الدولة للمزيد من الضغوط هي ومصرفها المركزي وقطاعها التجاري ولن يكون بطبيعة الحال مقبولًا.

أخبار ذات علاقة

مقر تابع لمؤسسة القرض الحسن

"المركزي اللبناني" يحظر التعامل مع "القرض الحسن" التابعة لحزب الله

تسليف بـ3.5 مليار دولار 

واعتبر أبو شقرا، أن ما يجري اليوم يعكس ما ذكره الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، بأن قضية القرض الحسن مثلها مثل ملف السلاح، لأنها تشكل أولًا تمويلًا له بجانب أنها دخلت خلال السنوات الأخيرة، داخل بنيته الاجتماعية والاقتصادية ومؤسساته، ويكفي القول إن قيمة التسليفات الإجمالية لهذه الجمعية، كانت 3.5 مليار دولار، منها 500 مليون دولار بين عامي 2018 و2019، وهي تحتفظ بنصف مليار دولار في احتياطي الذهب، قبل أن يرتفع قيمة الأخير الذي وصل اليوم إلى 4300 دولار للأونصة، وعلى أثر ذلك، من المتوقع أن تكون قيمة احتياطي الذهب للجمعية ضخمة للغاية.   

واستطرد أبو شقرا بأن هناك بعض الآراء التي تشير إلى أنه نتيجة الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مؤسسات “القرض الحسن” العام الماضي، واضطرار حزب الله إلى تأمين السيولة المالية، فإن قسمًا من الذهب لم يعد موجودًا. وأوضح أن استمرار هذه المؤسسة في العمل، بشكل أو بآخر، يهدف إلى تفادي إحداث شرخ كبير داخل البيئة الحاضنة، عبر تسديد الأموال للمودعين الذين وضعوا الذهب لديها.

وأضاف أن توقف الجمعية عن العمل قد يؤدي إلى إغراق المجتمع الداعم للتنظيم في مزيد من الأزمات، في ظل ما يعانيه من تهجير وتهديد للمنازل التي لم تُعمر بعد، بالتزامن مع القصف الإسرائيلي المستمر. وأكد أن استمرار هذه المنظومة بات أمرًا لا مفر منه، سواء لضمان أمن المجتمع الشيعي القريب من حزب الله، أو لدورها في تمويل عملياته عبر إيصال الأموال إليه ضمن إطار قناة مالية غير رسمية.

وخلص أبو شقرا قائلا: إن هذا التموضع المالي الجديد بتغيير الأسماء لن يزيل الضغط على حزب الله بطبيعة الحال ومن غير المستبعد أن تفرض على المؤسسة الجديدة أيًّا  كان اسمها "جود" أو غيره، عقوبات جديدة من قبل الخزانة الأمريكية وبالتالي العودة إلى نقطة الصفر.

ضغوط أمريكية

فيما يؤكد الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور سعد عبدالله الحامد، أن حزب الله في أعقاب الضربات الإسرائيلية الأخيرة التى طالت عناصره وقياداته، وعلى رأسهم الأمين العام السابق حسن نصر الله، أصبح يواجه ضغوطًا دولية كبيرة من الولايات المتحدة، لتجفيف منابع تمويله وكان ذلك واضحًا من خلال الزيارات التي قامت بها وفود من وزارة الخزانة الأمريكية، التي كانت تركز على وقف أي تمويل للحزب خارجي وكذلك وقف عمليات تهريب السلاح للميليشيا في الداخل.

وأوضح الحامد في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن مؤسسة القرض الحسن هي مؤسسة يستخدمها حزب الله لتقديم القروض الميسرة وخدمة أبناء الطائفة الشيعية داخل أماكن نفوذها وتقديم تسهيلات ائتمانية، تنعكس بشكل أو آخر، لتكون مصدر تمويل للتنظيم، واستطاعت واشنطن بممارسة ضغوط على الحكومة اللبنانية، أن تحد من أشكال تهريب الأموال وتبيضها عن طريق هذه الجمعية التي تذهب الآن تحت اسم جديد وهو "جود"؛ ما سيعرّض لبنان لضغوط جديدة تؤثر في اقتصاده.

أخبار ذات علاقة

فرع لمؤسسة القرض الحسن

لبنان.. تجميد تعويضات "القرض الحسن" يكشف أزمة "حزب الله"

أموال غير معلوم مصدرها

وبين الحامد أن الحكومة اللبنانية تعاملت بالدفع من خلال نظام مالي صارم إلى إيقاف مصادر التمويل والحركات المالية لهذا النوع من المؤسسات "القرض الحسن" في ظل وجود حركة أموال بعشرات الملايين من الدولارات، غير واضحة المصادر وغير واضحة سبل المصب، وقد نكون أمام مشهد مشابه لفرض عقوبات على الشكل الجديد لـ"القرض الحسن" كما جرى منذ سنوات مع شركة اليسر للتمويل والاستثمار التي كانت محسوبة على حزب الله والتي طالتها عقوبات أمريكية وكانت تهرّب أموالًا إلى الداخل، غير معلومة المصدر. 

وأفاد الحامد أن الحكومة اللبنانية أمام مسارات جديدة من حيث لجوء حزب الله إلى مصادر أخرى لتمويله في صدارتها مؤسسة جود، في وقت تعمل فيه بيروت على سد أي ثغرات مالية جديدة في النظام المصرفي الذي أصبح ضمن اللائحة الرمادية لمجموعة العمل الدولية.

اللائحة الرمادية

وأفاد الحامد بأن الحكومة اللبنانية أمام سيناريو واضح في مشهد تغير اسم "القرض الحسن" إلى "جود"، بالتشديد حيال ذلك من جانب النظام المصرفي في ظل وجود ثغرات يستخدمها حزب الله لتهريب وتبييض الأموال وهو ما أدى في الأساس إلى تصنيف النظام المالي ضمن اللائحة الرمادية لمجموعة العمل الدولية.

وذكر الحامد أن عملية التدوير بالأسماء من جانب حزب الله، من “القرض الحسن” إلى “جود”، ستواجه عقبات ضخمة، ولن تنجح في تحقيق أهدافها المتعلقة بإعادة تنظيم مصادر التمويل ومساراتها، بالتزامن مع العمل على تجفيف هذه المنابع على المستوى الداخلي، تحت ضغط دولي متزايد. وأشار إلى أن ربط عدم تقديم أي نوع من التمويل إلى لبنان بسد هذه الثغرات، يعكس مخاوف المجتمع الدولي من تسرب الأموال إلى جهات غير رسمية.

وأوضح أن تقارير صادرة عن واشنطن أشارت إلى إدخال حزب الله نحو مليار دولار إلى لبنان منذ وقف إطلاق النار، رغم جميع إجراءات التضييق المفروضة؛ ما مكّنه من تلبية احتياجاته، بما في ذلك دفع رواتب عناصره والوفاء بالتزامات مرتبطة بجانب من بيئته الحاضنة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC