يرى خبيران اقتصاديان أن قرار مؤسسة "القرض الحسن" التابعة لـ"حزب الله" بتجميد تعويضات المودعين بعد سنوات من العمل به، يكشف عن تحولات عميقة في الوضعين المالي والسياسي للحزب.
فمن الناحية المالية، قال الخبيران إن القرار يعكس أزمة سيولة حادة وتراجعًا في الموارد بعد الحرب الأخيرة، ما أضعف قدرة الحزب على الوفاء بالتزاماته السابقة، كما فعل بعد حرب العام 2006.
ويشير الخبيران إلى أن هذا القرار لم يأتِ بشكل مفاجئ، بل سبقه تنفيذ فعلي استمر أشهرًا قبل الإعلان عنه، ما يكشف عن حسابات سياسية دقيقة، خاصة في ظل تصاعد المخاطر القانونية بسبب عمل "القرض الحسن" خارج النظام المصرفي اللبناني الرسمي، إلى جانب تراجع واضح في السردية التي رَوّجها الحزب عن قدرته على التعويض السريع وإعادة الإعمار.
في هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي خليل جبارة إن "أحد تداعيات الحرب الأخيرة هو إضعاف قدرة حزب الله على الاستجابة والتعويض للمتضررين كما فعل بعد حرب تموز 2006".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن حزب الله بنى سردية بعد حرب 2006 بأنه يستطيع بناء ما تهدّم وتعويض جميع المتضررين بسرعة فائقة، ومساعدة المناصرين في مرحلة الانهيار الاقتصادي والمالي بعد العام 2019، حيث استعمل "القرض الحسن" للتعويض في السابق، ووسّع الحزب أوجه استعمالات "القرض الحسن" بطريقة مخالفة للقوانين المالية اللبنانية.
وأوضح جبارة أن "القرض الحسن" ليس مرخّصًا كشركة مالية في لبنان، أما اليوم، فتعثّر "القرض الحسن" يعكس الأزمة المالية، وشح التمويل، والتحديات اللوجستية والتنظيمية التي يعاني منها حزب الله بعد الحرب الأخيرة.
وختم حديثه بقوله إن الحزب لم يعد قادرًا على إقناع مناصريه بأنه يستطيع الاستجابة بطريقة سريعة ومنظمة للمساعدة في إعادة الإعمار، وهذا قد يؤثر على ثقة المناصرين بالحزب على المدى المتوسط والبعيد.
بينما رأى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أن تجميد "القرض الحسن" لتعويضات المودعين بعد فترة من العمل به يحمل دلالات مالية واقتصادية، وحتى سياسية متعددة.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن القرار يعكس، من الناحية المالية، إدراكًا داخليًا لدى الجهة المموّلة بعدم القدرة على الاستمرار بهذه الآلية بالشكل الذي كانت عليه، إما بسبب ضغطٍ على السيولة، أو خشية من تضخّم التزاماتها غير المغطاة بأصول سائلة.
وأوضح أن التجميد قد يكون أيضًا نتيجة لتقييم داخلي لارتفاع المخاطر القانونية أو المحاسبية، أو حتى السياسية، المرتبطة باستمرار هذا النوع من التعويضات التي تتم خارج الإطار المصرفي النظامي.
وأشار إلى أن توقيت الإعلان، بعد فترة طويلة من التنفيذ، يعكس رغبة واضحة في إدارة الانعكاسات الإعلامية والسياسية للقرار.
وختم بقوله إن الإعلان الآن قد يكون محاولة استباقية لاحتواء أي انتقادات داخلية، خصوصًا من جمهور الحزب أو من المستفيدين السابقين من تلك التعويضات، وإعادة ضبط التوقعات العامة بشأن دور "القرض الحسن".