حزمة من الرهانات ومجموعة من الدلالات تحيط بالجولة التاريخية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج العربي في زيارة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، تستغرق 4 أيام.
وتحمل الجولة أهدافا اقتصادية واستراتيجية متعددة ومهمة لـ"الحلم الأمريكي" الذي يروج ترامب أنه قادر على تحقيقه، بإعادة الولايات المتحدة القوية من دون منافس في ظل اتساع النفوذ الصيني والروسي.
وبحسب خبراء في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، فإن التعاون المشترك في شتى المجالات من أبرز رهانات ترامب في ظل إمكانيات ومكانة دول الخليج التي يمكن أن تحقق المرجو من الزيارة في تحفيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.
ويتضمن ذلك الاستفادة من الاستثمارات الأمريكية في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، بجانب تعزيز دور دول الخليج العربي كمراكز مالية وتجارية عالمية، مع التركيز على العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي التجاري والتكنولوجيا المالية والابتكار.
ويرى أستاذ الاقتصاد السياسي، المستشار السابق في البنك الدولي، الدكتور عمرو صالح، أن زيارة ترامب إلى الخليج العربي، استراتيجية من النوع الخاص في ظل اختلاف أجواء ولايته الحالية عن السابقة.
وقال لـ"إرم نيوز": تزداد الضغوط السياسية على ترامب والانتقادات الداخلية تجاهه في الولايات المتحدة مع التوترات الدولية واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتزايد النفوذ الصيني والروسي في العالم. ولذلك تحمل الجولة أهدافا اقتصادية واستراتيجية متعددة ومهمة للولايات المتحدة وللحلم الأمريكي.
وأضاف صالح أنه في الوقت الذي تحمل فيه الأجندة الرسمية للجولة، بحث سبل إنهاء النزاعات في غزة واليمن، مع دعم الجهود الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، فإن ترامب يسعى إلى توقيع اتفاقيات استثمارية بقيمة تصل إلى 1 تريليون دولار مع دول الخليج، تشمل مجالات الدفاع، والطاقة، والتكنولوجيا، بعد أن تعهدت السعودية باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار.
ولفت صالح إلى أن من أهم ملامح هذه الزيارة مشاركة شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك، وسام ألتمان مع اهتمام خاص بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، في حين أن التعاون الأمني والعسكري هو الملف التقليدي، مع توقيع حزم تسليحية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، تشمل تحديثات أنظمة الدفاع والتكنولوجيا العسكرية.
وبيّن صالح أن دول الخليج يمكن أن تستفيد من الزيارة في تحفيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل من خلال الرهان على الاستثمارات الأمريكية في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية وتعزيز دور دول الخليج العربي كمراكز مالية وتجارية عالمية مع التركيز على العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي التجاري والتكنولوجيا المالية والابتكار.
وأشار صالح إلى أن هناك فرصة كبيرة للدول الخليجية لاستخدام الحاجة الأمريكية ليكونوا لاعبين فاعلين في التعامل مع التغيرات في السياسات الدولية والإقليمية، وتوسيع النفوذ الدبلوماسي في المحافل الدولية لتعزيز مواقفهم في القضايا الإقليمية.
ونبه صالح إلى ضرورة أن تكون الاستثمارات العربية في الولايات المتحدة أداة لتعزيز مكانة دول الخليج كمراكز إقليمية للتكنولوجيا والابتكار، حيث يمكن الاعتماد على هذا التعاون لبناء قاعدة اقتصادية عربية قوية بمساعدة التكنولوجيا الأمريكية، مع العمل على استغلال الفرص وتحديد القطاعات ذات الأولوية وتوجيه الاستثمارات الأمريكية نحوها.
ويقول الخبير في العلاقات الدولية، رامي درويش، إن جولة ترامب تحمل دلالات مهمة بأن منطقة الشرق الأوسط وفي صدارتها الخليج العربي ترتبط بها الولايات المتحدة بعلاقات استراتيجية واقتصادية ومصالح لا تتخلى عنها بلاده وتدفعه بشكل كبير في ضبط الكثير من التحديات التي يواجهها عبر شراكات واستثمارات وتبادل خبرات وفتح آفاق صناعية واستثمارية وتجارية.
ويؤكد درويش في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ترامب من خلال هذه الزيارة يستهدف الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وعدم انعكاس أي أضرار قد تكون ناتجة عن سياسات سابقة ليس بالضرورة أن تكون من إدارته ومن الممكن أن تكون من إدارات سابقة.
وأفاد درويش بأن التعاون المشترك في شتى المجالات من أبرز رهانات ترامب، وكذلك تحقيق المصالح المتبادلة في ظل إمكانيات ومكانة دول الخليج على المستوى الإقليمي والدولي؛ مما يساهم في إخراج بلاده من تحديات اقتصادية تتعرض لها وفي الوقت نفسه أن يثبت للداخل، من الديمقراطيين، أنه حاضر على المستوى الدولي، لتحقيق ما يفيد بلاده.
وبحسب درويش، فإن الرئيس الجمهوري يدرك جيدا أن هناك ملفات في صدارتها القضية الفلسطينية من أكثر الملفات صعوبة في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة وذهاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مستويات لا تجعل ترامب يحقق خطط السلام التي يجد فيها مكاسب سياسية واستراتيجية واقتصادية وتحقيق التزامات أمريكية تتعلق بالسلام في الشرق الأوسط.
وأردف درويش أن الجولة لها دلالات ورهانات في عدم فقدان مسارات اقتصادية استراتيجية واستثمارية وسياسية وتاريخية مع دول الخليج في حال عدم تنشيط تلك العلاقات على أساس المصالح المشتركة، حتى لا يترك الساحة للسعي الصيني الذي يجد أهمية بالغة في تعزيز العلاقات الاستثمارية والاقتصادية والسياسية أيضا في هذه المنطقة.