شهدت سوريا موجة من التوترات والاحتجاجات الشعبية إثر اعتداء مسلحين مجهولين على مقام "أبو عبد الله الحسين الخصيبي" في منطقة ميسلون بمدينة حلب.
الواقعة، التي أسفرت عن مقتل خمسة من خدم المقام، أثارت استياءً واسعاً بين الطائفة العلوية وأدت إلى احتجاجات واسعة في عدة محافظات سورية.
فمن هو أبو عبد الله الحسين الخصيبي؟
وُلد أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي، المعروف أيضاً بالجنبلائي، عام 260 هـ في بلدة جنبلاء الواقعة بين واسط والكوفة في العراق.
بينما تذكر بعض الروايات، كالأعلام للزركلي، أنه مصري الأصل قبل أن يهاجر إلى جنبلاء. نشأ في بيئة علمية مكنته من حفظ القرآن الكريم في سن الحادية عشرة، وأتم فريضة الحج في العشرين من عمره؛ ما يظهر نضوجه الفكري والديني المبكر.
رحلته العلمية والدينية
الخصيبي يُعتبر من كبار علماء المذهب العلوي وأحد المؤسسين الرئيسين له، وهو أيضاً راوٍ ومُصنّف بارز في التراث الإسلامي.
عُرف بتمسكه بعقائد آل البيت وتوثيقه للروايات عن الأئمة الاثني عشر، وهو ما أكسبه لقب "الشيخ المحدث الثقة".
انتقل الخصيبي إلى مدينة حلب عام 315 هـ حيث قضى الجزء الأخير من حياته، وأسهم في نشر تعاليمه ومعتقداته الدينية. توفي في حلب عام 358 هـ، ودفن هناك في مقام يُعرف بـ"الشيخ يبرق"، والذي يُعد اليوم موقعاً دينياً مقدساً للطائفة العلوية.
مكانته عند العلويين
الخصيبي يُعتبر من أهم الشخصيات الدينية في المذهب العلوي بعد محمد بن نصير النميري. يُلقب بـ"الشيخ المحدث الثقة" بسبب التزامه الديني وعلمه الواسع في علوم آل البيت.
أثار لقبه، "الخصيبي" أو "الحضيني"، بعض الجدل بين المؤرخين وعلماء الرجال. فبينما ينسبه البعض إلى جده "خصيب"، يعتبر آخرون أن لقبه مشتق من بلدة "جنبلاء". وعلى الرغم من هذا الخلاف، فإن تأثيره الفكري والديني على المذهب العلوي لا يُختلف عليه.
إرثه ومؤلفاته
ترك الخصيبي إرثاً فكرياً عميقاً لدى العلويين، حيث يُنظر إليه كأحد أبرز أعلامهم.
قام بتأليف عدة أعمال تتعلق بالعقيدة والتفسير، كما أنه كان معتمداً في نقل الروايات عن الأئمة الاثني عشر؛ ما عزز مكانته كراوٍ موثوق في المذهب الشيعي الإمامي.
يقع مقام الخصيبي في مدينة حلب، ويُعد من أهم المزارات الدينية للطائفة العلوية.
المقام يحمل رمزية روحية كبيرة ويُشكل مزاراً محورياً للمؤمنين الذين يعتبرونه شخصية مقدسة ومصدر إلهام ديني ومعنوي.