بعد مرور عامين على بدء النزاع في السودان، يطفو على السطح واقع مؤلم، فقد وصل النظام الصحي في البلاد إلى حافة الانهيار، ومع اقتراب موسم الأمطار تتزايد المخاطر الصحية بشكل ينذر بأزمة غير مسبوقة.
يأتي ذلك، في ظل قيود صارمة تُفرض على إيصال المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تراجع التمويل المخصص لقطاع الصحة إلى مستويات مقلقة للغاية.
وحول تزايد أزمة الجوع في السودان، أفادت الكاتبة والباحثة سامية عبدالله، بأن قضية بيع المساعدات الغذائية التي تم إرسالها للبلاد بعد اندلاع الحرب، أصبحت محور نقاشات حادة.
وأضافت في حديثها لـ"إرم نيوز"، أن التقارير التي تلقتها جهات مختصة تشير إلى أن المساعدات التي كان من المفترض أن تصل إلى المحتاجين، لم تصل فعلاً إلى مستحقيها، ما يكشف عن مظاهر الفساد في الجيش الذي يسيطر على مدينة بورتسودان.
وأشارت سامية إلى أن تسرب الإغاثة إلى السوق وممارسات بيعها، أديا إلى تفشي الجوع بشكل ملحوظ في مراكز إيواء النازحين في ولايات شرق وشمال ووسط السودان، التي تخضع للسيطرة العسكرية.
وعلى الرغم من تصنيف هذه المناطق بأنها آمنة ولا تواجه صعوبات في وصول المساعدات، إلا أن النازحين يظلون معتمدين على المطابخ الخيرية التي تعتمد على التبرعات لتلبية احتياجاتهم الغذائية، وفقًا لتقارير توثق هذه المعاناة، ما يزيد من ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع.
وختمت سامية بالقول إن مواجهة أزمة المرض والجوع وتدمير البنية التحتية، يتطلب التزامًا حقيقيًا من الجيش السوداني، والسعي نحو تحقيق العدالة في توزيع المساعدات، لضمان وصول الدعم إلى أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليه. وأكدت أن التصدي لمشكلات الفساد وضمان الشفافية جزء لا يتجزأ من الحلول المطلوبة لإنقاذ حياة الناس في هذه المرحلة الحرجة.
تفشي الكوليرا وخروج المراكز الصحية عن الخدمة
ومن جانبها، أكدت الدكتورة إسراء زين العابدين، أن الكوليرا تتفشى بسرعة في السودان، موضحةً أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عن حالات تفشٍ في ثلاث ولايات، هي القضارف والخرطوم وجنوب كردفان، بالإضافة إلى وجود حالات اشتباه في ولايتي الجزيرة وكسلا.
وأشارت زين العابدين خلال حديثها لـ"إرم نيوز"، إلى أن العديد من المراكز الصحية في البلاد خرجت عن الخدمة نتيجة الصراع المستمر، مما زاد من معاناة المواطنين في الحصول على الرعاية الصحية الضرورية، حيث توقفت العديد من العيادات والمستشفيات عن العمل بسبب نقص الأدوية والمعدات، فضلًا عن النقص الحاد في الكوادر الطبية.
ونتيجة لذلك، يعاني المرضى من غياب الرعاية الصحية اللازمة، مما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل النظام الصحي في البلاد.
كما لفتت زين العابدين إلى أن الظروف البيئية السلبية مثل تلوث المياه، وسوء إدارة الصرف الصحي والنظافة، فضلًا عن النزوح وضعف الخدمات الصحية، تسهم بشكل كبير في انتشار الكوليرا، وحذّرت من أن هذه العوامل جعلت الوضع أكثر خطورة.
كما أفادت بأن التقارير الأخيرة تشير إلى نحو 1000 حالة اشتباه بالكوليرا، وحوالي 72 حالة وفاة مرتبطة بها حتى الأسبوع الماضي، محذرةً من أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 3.1 مليون شخص قد يكونون معرضين لخطر الإصابة بالكوليرا بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر 2023.
