حذّر خبراء سياسيون فرنسيون من العقبات التي تواجه المبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن نشر "مهمة استقرار دولية" في غزة بتفويض من الأمم المتحدة.
وقال خبراء إن المقترح الفرنسي يواجه تحديات لوجستية وسياسية كبرى، من غياب الدعم العربي وتعقيدات المشهد الميداني، إضافة إلى أن باريس تفتقر إلى أدوات الضغط الكفيلة بترجمة هذا الطرح على أرض الواقع، رغم ما تتمتع به من نفوذ اقتصادي وسياسي داخل الاتحاد الأوروبي.
وقالت أنييس لوفالوا، الباحثة السياسية الفرنسية في معهد الدراسات المتوسطية والشرق أوسطية، لـ"إرم نيوز" إن قدرة فرنسا على ممارسة الضغط السياسي تبقى محدودة، رغم سعيها إلى لعب دور رمزي محوري في المنطقة.
وأشارت إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون فقد جزءا من مصداقيته حين اقترح من القدس إنشاء تحالف دولي يضم دولا عربية، إذ لم يلق تجاوبا، خاصة بعد مواقفه التي يعتقد أنها منحازة لإسرائيل.
وأضافت لوفالوا أن فرنسا تمتلك أوراق قوة داخل الاتحاد الأوروبي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، لكنها لم تُفعّل بعد هذه الأدوات، مؤكدة أن "أوروبا تمتلك وسائل تأثير قوية، ولديها اتفاقيات اقتصادية يمكن استخدامها بدل الاكتفاء بالدعم الرمزي".
ولفتت إلى أن المبادرة الفرنسية تحمل وزنا دبلوماسيا، غير أنها تصطدم بعائق الالتزام العملي من الشركاء الإقليميين، فضلًا عن الحاجة إلى الإرادة والموارد اللازمة لإنجاح المهام الميدانية.
من جانبه، قال أوليفييه روي، أستاذ العلوم السياسية في المعهد الأوروبي التابع لجامعة فلورنسا، لـ"إرم نيوز" إن المبادرة الفرنسية، رغم طموحها، تتجاهل الواقع القاسي على الأرض.
وأوضح روي أن "الاقتراح يستند إلى تجربة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، إلا أن مواجهة حماس تختلف كليا من حيث البنية المعقدة للمشهد السياسي وتشابكات الصراع الداخلي".
وأكد أن غياب دعم عربي واضح للمبادرة يقلل من فرص تنفيذها، مشيرا إلى أن اللوبي الأمني في إسرائيل لا يرى حتى ضرورتها، قائلاً: "من يتساءل حقا عمّا يمكن أن تضيفه فرنسا ودول أخرى؟ ولماذا؟ إسرائيل لا تحتاج إلى دروس في مكافحة الإرهاب".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أبدى دعمه لاقتراح إنشاء "مهمة استقرار" في غزة بتفويض من الأمم المتحدة، محذرا من أنها قد تتحول إلى "كارثة معلنة" إذا لم تُبنَ على أسس متينة.
وأشار إلى أن هذه الأسس وضعت بالتنسيق مع السعودية في نيويورك، حيث حظيت بدعم إقليمي لنزع سلاح حماس والإفراج عن الرهائن، داعيا مجلس الأمن إلى منح المهمة تفويضا رسميا.
وجاءت تصريحات ماكرون بعد إقرار مجلس الأمن الإسرائيلي خطة للسيطرة على كامل قطاع غزة، وهي خطة اعتبرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "أفضل وسيلة لإنهاء الحرب"، بينما حذر ماكرون من أن الرهائن وسكان غزة سيكونون أول ضحاياها.
وشهدت الساحة الأوروبية ردودا متباينة؛ إذ دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إسرائيل لإعادة النظر في خطتها، وأعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس تعليق بعض صادرات السلاح، فيما طالبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية فورا.
كما أكد ماكرون سابقا أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر أمام الأمم المتحدة، خطوة أثارت رفض نتنياهو وانضمت إليها لاحقا دول منها المملكة المتحدة (بشروط)، وكندا، والبرتغال، في وقت تعترف فيه 11 دولة من الاتحاد الأوروبي بفلسطين، كان آخرها سلوفينيا في يونيو/ حزيران 2024.