قالت مصادر سورية خاصة إن الحزب الإسلامي التركستاني أعلن حل نفسه، في خطوة هدفها الاندماج في وزارة الدفاع السورية، وأصبح اسمه الرسمي "الفرقة 88" في الجيش السوري الجديد.
وتأتي هذه الخطوة، وفقًا للمصادر، كنوع من الحل لمشكلة المقاتلين الأجانب في سوريا على الطريقة السورية، عبر إدماجهم ومنحهم الجنسية السورية، بينما طالبت الولايات المتحدة مرارًا بطردهم أو إقصائهم من مراكز القرار العسكري في الجيش السوري الجديد.
ورجحت المصادر التي تحدثت إلى "إرم نيوز" أن يكون لقاء الرئيسين أحمد الشرع ودونالد ترامب في الرياض قد تطرق لهذا التوجه كجزء من الحل لمشكلة المقاتلين الأجانب المعقدة، والذي يقوم على إدماج من يمكن إدماجه من المقاتلين الأجانب، ضمن هيكلية وزارة الدفاع، فيما سيتم طرد أو اعتقال من يرفض الاندماج، من هؤلاء المقاتلين.
وتفيد المصادر أن الشرط الأمريكي المعروف حول إبعاد الجهاديين الأجانب عن سوريا يتناقض مع ما تطلبه سرًا الدول الأوروبية، خاصة فرنسا، حول عدم إبعادهم عن سوريا، وإنما إبقاؤهم فيها ودمجهم، لضمان عدم عودتهم إلى بلدانهم الأصلية ( وبينها العديد من الدول الأوروبية).
الدولة أو.. "داعش"
وأعربت المصادر عن اعتقادها بأن قرار دمج المقاتلين التركستان، مؤشر على أن الشرع أخذ الضوء الأخضر من ترامب، وبتدخل أوروبي، لإدماج من يمكن إدماجه ومحاربة من يرفضون الانصياع للسلطة الجديدة، وأكدت المصادر أن الشرع قادر على تحقيق هذه المعادلة، "فهو يفهم هذه اللعبة أكثر من الجميع" .
تقول المصادر إن المقاتلين الذين سيرفضون الانصياع للأوامر الجديدة، والاندماج في وزارة الدفاع، أو الامتثال للأوامر العسكرية، سيتم اعتبارهم من مؤيدي تنظيم "داعش" الإرهابي، وبالتالي ستتم محاربتهم وملاحقتهم تمامًا كعناصر "داعش".
ويأتي ذلك في ظل أحاديث عن انشقاق العديد من المقاتلين الأجانب وانضمامهم بالفعل لخلايا داعش، وهو ما حدث في تدمر بالبادية السورية، حيث اندلع اشتباك بين مقاتلين أجانب رفضوا تسليم مقراتهم، والأمن العام، تم فيه استخدام أسلحة متوسطة وسقط فيه قتلى وجرحى من الطرفين.
تغيير قواعد اللعبة
الكاتب والمحلل السياسي السوري مازن بلال علق على مسألة دمج عناصر "الحزب التركستاني" في وزارة الدفاع السورية، وقال في تصريحات لـ "إرم نيوز" إن الحزب الإسلامي التركستاني (TIP) يقدم نموذجًا للاعبين الجهاديين الأكثر إثارة للجدل، فالحزب الذي تأسس لأهداف انفصالية تتعلق بإقليم شينجيانغ الصيني، أعاد تشكيل ملامحه منذ دخوله إلى سوريا عام 2011، وما حدث بعد 8 كانون الأول 2024، أي بعد سقوط نظام بشار الأسد، قلب قواعد اللعبة، فالحزب الذي كان في طليعة التنظيمات السلفية الجهادية، أعلن حل نفسه، واندماجه في وزارة الدفاع السورية الجديدة.
ويضيف: هذه الخطوة هي بمنزلة "إعادة تدوير" للجهاد تحت عباءة الدولة، ما يثير تساؤلات حادة حول مستقبل السلم الأهلي في سوريا.
ويوضح بلال "منذ نشأته في تسعينيات القرن الماضي، تبنّى الحزب الإسلامي التركستاني سردية مضادة للدولة الصينية، ساعيًا لإقامة إمارة إسلامية في تركستان الشرقية، وبنى تحالفاته الأولى مع تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان، لكن الحرب السورية مثّلت فرصة فريدة لإعادة تموضعه".
ويرى بلال أن "هذه الخطوة تحمل مفارقة لافتة على طريقة: من الجهاد إلى البيروقراطية، ومن تنظيم سري إلى جهاز رسمي، لكنها ليست تحولًا شكليًا، بل مناورة للحفاظ على البنية الصلبة للتنظيم، داخل جهاز الدولة هذه المرة".
السلم الأهلي على المحك
يشير الكاتب السوري أن مسألة السلم الأهلي السوري تبدو اليوم كمعضلة شائكة، فإذا كان غياب الدولة المركزية خلق أمالًا لدى بعضهم لحقبة جديدة من التعددية السياسية، فإن وجود فاعلين مثل الحزب الإسلامي التركستاني – حتى بصيغته "المنحلة" – يهدد بإعادة إنتاج العنف من داخل أجهزة الدولة.
ويوضح أن "خطر الجماعات الجهادية لا يقتصر على العنف المباشر، بل في قدرتها على خلق ثقافة مضادة للدولة، تعيش داخلها وتعيد تعريفها من الداخل، وهذا ما يفعله الحزب اليوم، من خلال محاولة "أسلمة" الجيش السوري الجديد أو على الأقل تطويعه لمشروعه العقائدي.
ويخلص بلال إلى أن سوريا ستكون مختبرًا قاسيًا لهذا النوع من التحولات، لأن ما يبدو إعادة تأهيل حسب التصريحات الرسمية السورية هو فقط استراحة المحارب.