الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة
قوبل المؤتمر الصحافي للجنة تقصي الحقائق المكلفة بالتحقيق في مجازر الساحل السوري، بما تضمنه من تقديم لمخرجات التحقيق، برفض وغضب واسعين من قبل شرائح واسعة، وخاصة من قبل أهالي الضحايا في الساحل السوري وممثليهم المفترضين في "المجلس العلوي"، وسط اتهامات للجنة بالتزوير والانحياز للسلطات السورية.
كما شهد المؤتمر الصحفي تشكيكا واسعا من بعض الإعلاميين الحاضرين، حيث أحرجوا أعضاء اللجنة في العديد من الأسئلة التي فندت ما خلصت إليه نتائج التحقيق وتبريرات أعضائها.
كشفت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق بشأن أحداث الساحل، في مؤتمر صحافي عُقد الثلاثاء 22 تموز، أنها استمعت إلى 930 إفادة، وزارت 33 موقعاً، وتوصلت إلى خلاصة مفادها أن "فلول النظام السابق" بادروا إلى تنفيذ عمليات عدائية استهدفت مقرات للجيش والأمن والحواجز، وأقدموا على قتل 238 عنصراً، بعضهم بعد تسليم سلاحهم أو خلال تلقيهم العلاج. كما تحدّث التقرير عن مقابر جماعية، وحصار فرضته هذه المجموعات، في إطار ما وُصف بـ"إقامة دولة علوية" في الساحل.
وأشار التقرير إلى أن فصائل أخرى اندفعت لاحقاً بشكل عشوائي إلى المنطقة، (دون أن تذكر من استدعاها)، مما أدى إلى اختلاط في العمليات الأمنية، نتجت عنه انتهاكات جسيمة طالت المدنيين، شملت القتل، والتعذيب، والسلب، وتخريب الممتلكات. ولم تسمِّ اللجنة الجهات المسؤولة عن هذه التجاوزات، بل اكتفت بالإشارة إلى أن الدولة فقدت السيطرة في مناطق عدّة خلال الأيام التي تلت المجازر، ووصفت دوافع العنف بـ"الثأرية" نافيةً عنها صفة "الطائفية" أو الدوافع الأيديولوجية.
في نهاية مؤتمرها المثير للجدل، أوصت اللجنة بإحالة لائحتين إلى النائب العام لملاحقة مشتبه فيهم، مع توصية بالمضيّ في آليات العدالة الانتقالية، لتفتح بعدها الباب واسعا أمام هجوم كبير استهدف اللجنة وأعضاءها ومخرجاتها.
الصحفي والناشط السوري نضال معلوف سخر مما أسماها "روايات" لجنة تقصي الحقائق، وخاصة ما يتعلق بقولها إن "الفلول سيطروا على الساحل في 6 آذار من خلال 260 شخصًا، وقاموا بسلخ الساحل عن سوريا وأعلنوا دولة علوية فيه!! .. ليقوم على إثرها 200 ألف مسلح في 7 آذار إلى التوجه للساحل واستعادة الإقليم المسلوخ .."
وأوضح معلوف أن مرسوم تشكيل اللجنة حدد مهمتين رئيسيتين لها: الأولى تحديد المسؤول عن مقتل عناصر الأمن العام، والثانية المسؤول عن ارتكاب التجاوزات ومقتل المدنيين، ومن خلال تضخيم سيناريو ما حصل وتقديم قصة روائية خيالية عن انفصال الساحل عن سوريا لمدة يوم واحد، من خلال عمل يرتبط بجماعات خارجية مجهولة لم يتم إلقاء القبض على أي قيادي فيها ولا أي عنصر، فشلت في مهمتها الأولى في تحديد المسؤول عن قتلى الأمن العام، حسب قوله.
وأضاف معلوف "من خلال تأكيدها بأن وزير الدفاع والداخلية أصدرا تعليمات صارمة بعدم التعرض للمدنيين، لم يعد ممكنا تحديد المسؤول عن مقتل أكثر من 1400 مدني بحسب التقرير، أما التوصيات، وفقا لمعلوف، فقد جاءت غريبة عجيبة وليس لها علاقة بمهام اللجنة أساسا، فكانت توصيات عامة تصلح للجنة مشكلة لتحقيق السلم الأهلي والوصول إلى توصيات وطنية عامة في موضوع ضبط سلوك العناصر والمحاسبة". على حد تعبيره.
المحامي والناشط السياسي السوري الفرنسي، زيد العظم، علق بالقول إن "أهم ما ورد في المؤتمر الصحفي حول تقرير فظائع الساحل، أن جزءا من الاستنتاجات بُني على الشبهة، لا على أدلة قاطعة، وهذا وحده كافٍ ليجعل التقرير مشبوها قانونيا".
وأضاف أن "التقرير باهت، متضارب مع توثيقات أوروبية محايدة، ومشحون بعبارات سياسية. هو ببساطة تقرير مسيس يحمل ختم وتوقيع السلطة".
وختم "بصراحة لم أكن أتوقع أفضل من ذلك، فمن غير المنطقي أن تُشكّل سلطة أحمد الشرع لجنة تقصّي حقائق ضد نفسها" وفق تعبيره.
أما الطبيب والناشط السياسي دريد جبور، فقال إن "تقرير لجنة التحقيق وردود السادة الأعضاء على الصحفيين، وخاصة المتحدث باسم اللجنة، غلب عليه التبرير السياسي وتبني السردية التي تقدمها السلطة والإصرار على مديح السلطة وتأكيد براءتها، وهو ما كان يجب على اللجنة تجنبه، لأنه يشكل مصدرا للتشكيك باستقلاليتها وحتى مصداقيتها".
ولفت جبور إلى أن "التوصيات التي قدمتها اللجنة قيّمة خاصة إذا استجابت السلطة جديا لها، وهي أفضل ما في التقرير".
مضيفا أن "سلطة يقدم لها 298 اسما لأشخاص مشتبه بتورطهم، وهذه السلطة لديها فقط 30-37 شخصا موقوفا، هي إدانة كاملة لها".
وأوضح جبور أنه حتى لو كانت اللجنة وبيانها وعملها مثاليا, ما لم تقم السلطة التنفيذية بإتمام المهمة على أكمل وجه ومن دون تبريرات، ومع شفافية كاملة وحرية صحافة مواكبة وبسرعة تبدد الشكوك والإدانات الحقيقية، فكل ما أُنجز (وما لم يُنجز) سيكون نكسة أخرى لهذه السلطة ولسوريا". على حد قوله.
أكثر ردود الفعل عنفا ورفضا لمضمون ما جاء في المؤتمر الصحفي للجنة تقصي الحقائق، جاءت من المجلس الإسلامي العلوي في سوريا والمهجر، الممثل الجديد للطائفة العلوية، والذي أصدر بيانا رسميا، اطلع "إرم نيوز" على نسخة منه، حيث وصف المؤتمر الصحفي للجنة تقصي الحقائق بأنه "مهزلة" واللجنة بأنها "لجنة التزوير والتضليل وتبييض الجرائم".
وتوجه المجلس إلى الرأي العام السوري وفي الخارج، مديناً "بأشد العبارات" ما تم عرضه في المؤتمر الصحفي "لما يسمى زورا بلجنة تقصّي الحقائق" في أحداث الساحل، والذي لم يكن إلا محاولة لتبرير جرائم السلطة الحالية وتزوير للوقائع، وتعمية العيون عن المجرمين" حسب البيان .
وأعلن المجلس العلوي عن رفضه لما جاء في التقرير جملة وتفصيلا؛ لأن الخصم والحكم واحد في هذه القضية ، "فمن أمر بالهجوم على الساحل، وسمح لقطعان المسلحين من كامل الجغرافيا السورية بالوصول إلى الساحل هو سلطة الأمر الواقع. وهو ما أكده الشرع بصريح العبارة بعد النفير على الساحل. والذي تكرر بنفس الطريقة على أهلنا في السويداء".
المجلس العلوي طالب بإطلاق تحقيق دولي مستقل كامل الصلاحيات تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، "بعيدا عن أيدي الأجهزة الأمنية والمخابراتية التي تعبث بكل ما له صلة بالعدالة في سوريا" وفق تعبيره.
وأكد المجلس أن العدالة ليست منّة من أحد، وليست ملفا تفاوضيا بين أطراف سياسية. إنها حق لا يُساوَم عليه، وشرط وجودي لمستقبل سوريا، وفقا للبيان.