logo
العالم العربي

روسيا تعيد تموضع وجودها العسكري في سوريا

روسيا تعيد تموضع وجودها العسكري في سوريا
مروحية روسيةالمصدر: أرشيفية
16 يوليو 2025، 11:12 ص

في خطوة تحمل دلالات استراتيجية عميقة، بدأت روسيا خلال الأشهر الماضية تنفيذ واحدة من أهم عمليات إعادة التموضع العسكري في سوريا، تمثلت في نقل الجزء الأكبر من قواتها من قاعدة حميميم في اللاذقية إلى قاعدة مطار القامشلي شمال شرقي البلاد، وهي منطقة تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

أخبار ذات علاقة

مروحية وآليات عسكرية روسية في مطار القامشلي

بعد استكمال إخلاء "حميميم".. القوات الروسية تسيطر على قاعدة القامشلي

 وأظهرت صور أقمار صناعية ومعلومات ميدانية أن روسيا باتت تسيطر فعليًا على القاعدة الجوية في القامشلي، بعد تنفيذ أكثر من 25 رحلة جوية لطائرات الشحن والنقل العسكرية الروسية بين القاعدتين، في الفترة ما بين يناير كانون الثاني ويونيو حزيران 2025. 

ويشير هذا النشاط الجوي المكثف إلى عملية نقل منظمة شملت أفرادًا ومعدات ثقيلة، ما يعكس نية واضحة بتحويل القامشلي إلى مركز ثقل عسكري روسي جديد في سوريا.

وبحسب مصادر سورية مطلعة، فإن هذا الانتقال لم يكن عشوائيًا، بل جاء نتيجة تنسيق مباشر مع قيادة "قسد"، بموجب تفاهمات جديدة تبلورت بعد فتور علاقة "قسد" مع واشنطن، وتعقّد المفاوضات مع الحكومة السورية حول اتفاقية 10 مارس/ آذار التي لم تُنفذ بعد.

وأكدت المصادر أن السلطات الجديدة في دمشق لم تعد ترحّب بوجود القوات الروسية في حميميم، خاصة بعد تعرض القاعدة لهجمات متكررة من مجموعات مسلحة قريبة من الحكم الجديد.

وبحسب المراقبين، فإن هذه التحولات تشير إلى أن قوات "قسد" تحاول عبر هذا التحالف الجديد تأمين غطاء عسكري وسياسي بديل عن الولايات المتحدة، خاصة مع تصاعد الدعوات الأمريكية لحل قوات "قسد" ودمجها في جيش سوري موحد.

خريطة نفوذ جديدة

المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، قال إن روسيا باتت في موقف حرج بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، خاصة أنها وجدت نفسها أمام خيارين، إما سحب قواتها من سوريا في ظل نظام جديد قد يكون معاديًا لها، أو محاولة بناء علاقات مع هذا النظام لضمان استمرار وجودها ورسم خريطة نفوذ جديدة في البلاد.

وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن موسكو نجحت رغم الضغوط الغربية والأمريكية في الحفاظ على قواعدها العسكرية داخل سوريا، لافتًا إلى أنها أعادت فتح قنوات التواصل مع السلطة الجديدة في دمشق بهدف الحفاظ على وجودها العسكري، وإن بات ذلك ضمن حدود معينة تقيد تحركات الجيش الروسي.

ويرى أيوب أن روسيا تدرك محدودية هذا الاتفاق، لذلك تسعى إلى توسيع نطاق نفوذها بالانتقال إلى مناطق سورية أخرى لا تخضع بالكامل للسلطة المركزية، وأبرزها منطقة القامشلي الواقعة شرق البلاد.

وأشار الخبير في الشؤون الروسية إلى أن هذه المنطقة تتمتع بموقع استراتيجي مهم لقربها من الحدود التركية والعراقية، إضافة إلى غناها بالنفط والغاز.

وتابع: "منطقة القامشلي تمنح روسيا فرصة لتعزيز نفوذها، وقد تكون بديلًا أكثر تأثيرًا من قاعدتَي حميميم وطرطوس اللتين أصبحتا محاصرتين بقيود السلطة السورية".

وأكد المحلل السياسي أن موسكو تسعى لإيجاد موطئ قدم جديد هناك، ولا سيما في ظل وجود عدد من الضباط السابقين في الجيش السوري الذين ما زالوا على استعداد للتعاون مع روسيا.

فوضى سورية

وأشار أيوب إلى أن ضعف سيطرة الحكومة المركزية في دمشق، خصوصًا على الجنوب ومنطقة السويداء، يعزز توجه موسكو لإعادة تموضعها شرق سوريا، مؤكّدًا أنّ الفوضى الأمنية والانقسامات الداخلية تمنح الروس فرصة لترسيخ نفوذهم بطريقة غير مباشرة.

ولفت إلى أن روسيا ترى في الأكراد عنصرًا يمكن البناء عليه في ظل علاقاتهم المتوترة مع واشنطن وتركيا.

وأوضح أن "السياسات الأمريكية المتقلبة في عهد الرئيس دونالد ترامب أدت إلى تخلي واشنطن عن الأكراد، ما يجعلهم أكثر تقبّلًا لأي دور روسي يُنظر إليه كوسيط محايد لا يتبني سياسة العقوبات أو التدخّل السافر".

أخبار ذات علاقة

هل يعود مطار حميميم لدمشق؟

بعد منع اللجوء.. هل تسلم موسكو مفاتيح "حميميم" لدمشق؟ (فيديو إرم)

 وشدد أيوب على أن روسيا لا تسعى بالضرورة لحل المسألة الكردية، بل تستغلها لخدمة مصالحها في المنطقة، مشيرا إلى أن الكرملين يطمح إلى الحفاظ على موقعه كقوة فاعلة في الشرق الأوسط، ليس فقط عبر سوريا، بل أيضًا من خلال توسيع نفوذه في البحر الأحمر وإفريقيا وتعزيز علاقاته مع دول الخليج.

وذكر أيوب أن روسيا تدرك أن تراجعها عن الساحة السورية يعني تراجعًا في دورها الجيوسياسي في الإقليم، لذا تسعى بكل قوتها للحفاظ على هذا الدور، سواء عبر القواعد العسكرية أم من خلال توسيع شبكة علاقاتها الاستراتيجية في المنطقة.

النشاط العسكري

من جهته، استبعد إبراهيم كابان، مدير شبكة "الجيوستراتيجي للدراسات"، وجود أي نشاط عسكري روسي في منطقة القامشلي الواقعة ضمن نطاق الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا، مشيرًا إلى أن وجود القوات الأمريكية هناك يجعل من غير المنطقي الحديث عن تحركات روسية دون تنسيق.

أخبار ذات علاقة

الكاتب السياسي والمستشار رامي الشاعر

مستشار بالخارجية الروسية: موسكو متمسكة بقاعدة طرطوس وغير مهتمة بـ"حميميم"

 وقال كابان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن الوجود الروسي في مناطق الإدارة الذاتية ليس جديدًا، بل يعود إلى فترة سقوط النظام في بعض المناطق، حين كانت القوات الروسية تقوم بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية في مواقع مثل عين عيسى وتل تمر ورأس العين، وكان هدف هذا الوجود آنذاك الفصل بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش التركي في مناطق التماس.

وتساءل عن جدوى بناء قاعدة عسكرية روسية أو نقل قوات سورية قديمة إلى منطقة تهيمن عليها القوات الأمريكية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن، معتبرا أن ذلك يتناقض كليًّا مع الواقع العسكري والسياسي الميداني في شمال شرق سوريا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC