تصاعدت وتيرة الخلافات بين سلطات دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بعد إصدار الأخيرة قرارًا باستحداث إدارة عامة لمطار القامشلي بريف الحسكة، تتبع للإدارة الذاتية، بما يعني كف يد دمشق عن هذا المرفق الحيوي الذي يتبع، كما هو مفترض، للهيئة العامة للطيران المدني السوري.
وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية عن استحداث الإدارة العامة لمطار القامشلي الدولي شمال شرقي سوريا. وقالت في بيان: "تتبع الإدارة العامة لمطار القامشلي الدولي للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية إداريًا وماليًا". وأضافت أنه سيتم تسوية كافة الأمور المالية والإدارية والملاك العددي أصولًا.
من جهتها، ردّت دمشق على القرار عبر بيان جاء فيه أن "أي محاولة لاستخدام مطار القامشلي الدولي دون تنسيق وموافقة رسمية، تُعد خرقًا واضحًا للقوانين والأنظمة الدولية الناظمة للملاحة الجوية".
وقالت الهيئة العامة للطيران المدني السوري إن "مطار القامشلي الدولي مغلق حاليًا لأسباب تشغيلية، ويُعدّ هذا الإغلاق نافذًا وملزمًا لجميع شركات الطيران والجهات المعنية محليًا ودوليًا"، مشددة على أنها "الجهة الوحيدة المخوّلة قانونيًا بإدارة وتشغيل المطارات السورية، وتنظيم الحركة الجوية ضمن الأجواء السورية، بما في ذلك إصدار أو تعديل أي إعلانات ملاحية".
وتتهم مصادر دمشق قوات سوريا الديمقراطية بمحاولة فرض أمر واقع على الحكومة السورية، في إطار مساعيها لنظام حكم لامركزي أو فيدرالي، في ظل عدم موافقة دمشق على اعتماد "اللامركزية".
ولكن مصدر مقرب من الإدارة الذاتية الكردية كشف لإرم نيوز مبررات القرار المثير للجدل، مشيرًا إلى أن مطار القامشلي معطل عن الخدمة منذ سقوط النظام في الثامن من ديسمبر الماضي، وترك موظفوه للعمل، ومعظمهم من محافظات بعيدة، ليبقى المطار بلا تفعيل رغم وعود الإدارة السورية لأكثر من مرة، بقرب تفعيله.
ومن هنا، يقول المصدر إن قرار استحداث إدارة جديدة للمطار وإلحاقه بالمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية، هدفه تسيير أمور المطار عبر تعيين موظفين جدد من المنطقة، ستُصرف رواتبهم من قبل الإدارة الذاتية، وليس من دمشق، لتكون مهمتهم صيانة المطار ومعداته وأجهزته.
وأضاف أن تأخر سلطات الطيران السورية في تشغيل المطار رغم حيويته وأهميته للمنطقة، وتأجيل العمل فيه لصالح مطار دير الزور، دفع الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا إلى اتخاذ هذه الخطوة، فاستحدثت إدارة جديدة للمطار بخبرات محلية، مهمتها الحفاظ على محتوياته على الأقل، رغم أنه لا إمكانية لتشغيله حاليًا إلا بموافقة الدولة السورية.
واتهم المصدر سلطات دمشق بتركيز العمل والنشاط الاقتصادي في المناطق التي ينحدر منها قادتها، وأيضًا في دمشق وحلب، مشيرًا إلى انخراطها اليوم في صيانة مطار دير الزور بأقصى شرق سوريا.
ولم ينفِ المصدر المقرب من "الإدارة الذاتية" أن تكون هذه الخطوة في سبيل الضغط على حكومة دمشق، لانتزاع المطار من السلطة المركزية وإلحاقه بإداراتها في مقدمة لدخول البلاد في نظام حكم لا مركزي أو فيدرالي، وهو ما يطالب به الكرد وترفضه دمشق "ظاهريًا" حسب قوله.
ويؤكد المصدر أن إدارة الشرع لا ترفض "اللامركزية"، بل هي موافقة عليها، ولكنها تنتظر اللحظة المناسبة للإعلان عن هذه الخطوة، وتحديدًا بعد إقناع جمهورها الذي يرفض صيغة الحكم اللامركزي حتى الآن.
ورغم إشارة العديد من المراقبين إلى تزامن قرار الإدارة الذاتية الكردية بإلحاق مطار القامشلي لإدارتها مع تعزيز القوات الروسية لحضورها في المطار، وبالتالي حصولها على ضوء أخضر من روسيا، رفض المصدر ربط خطوة وضع اليد على المطار بأي اتفاق مع الروس، مشيرًا إلى أن القوات الروسية موجودة في المطار بالفعل، ولكن "قسد" لم تنسق هذه الخطوة معها.
ويختم المصدر حديثه بالتأكيد على أن ملف مطار القامشلي مثله مثل حقول النفط، والمدارس، والعديد من الملفات الأخرى التي تعمل الإدارة الذاتية الكردية على أن تكون تحت إشرافها كشرط لأي توافق مع سلطات دمشق.