مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
رسمت نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق ملامح جديدة داخل الساحة السنية، بعد أن تجاوز مجموع مقاعدها حاجز الثمانين مقعدًا.
ويؤشر هذا الارتفاع على اتساع نطاق المشاركة داخل المحافظات الغربية والشمالية والمناطق المختلطة، ما أفرز موازين قوة جديدة داخل البيت السني، خصوصًا مع تفاوت أحجام التحالفات وتباين قدرتها على التأثير في مسار تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وبرز تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي في موقع القوة الأولى بواقع 36 مقعدًا، يليه عزم بزعامة مثنى السامرائي بـ17 مقعدًا، ثم السيادة برئاسة خميس الخنجر بـ14 مقعدًا، في حين حصد تحالف الحسم بقيادة ثابت العباسي 7 مقاعد، وتراجع تحالف الجماهير الوطنية إلى مقعدين فقط.
ورغم توسيع القاعدة التصويتية، فإن مشهد المقاعد لم يتغير بصورة جذرية، بينما حققت الكتل الشيعية مكاسب أكبر، ما أوجد سؤالًا سياسيًا داخليًا حول موقع التمثيل السني داخل العملية الحكومية المقبلة.
وأوضح عضو حزب تقدم عمار الجميلي، أن "الكتل السنية الفائزة ستتجه نحو التفاهمات فيما بينها، ومع القوى الشيعية والكردية، للحصول على أفضل النتائج، إلا أنها ستصطدم بواقع سياسي جديد، وهو أن تقدم أصبحت الكتلة السنية الأكبر بأكثر من النصف زائد واحد، ما يجعل بقية القوى مضطرة للتنسيق معها في أي مسار حكومي".
وأضاف الجميلي، لـ"إرم نيوز"، أن "تقدم حصلت على ثقة السواد الأعظم من المكون السني، وبالتالي ستكون هي الممثل الأول أمام القوى السياسية الأخرى عند الدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة".
وفي ضوء النتائج الأخيرة، تُظهر المؤشرات السياسية أن القوى السنية لا تتجه نحو تكتل موحد بقدر ما تتجه نحو تموضع حذر داخل البيت الشيعي، في ظل إدراكها بأن تشكيل الحكومة المقبلة لن يكون خارج الإجماع الشيعي.
ويستند هذا التقدير إلى تجارب سابقة، خاصة تجربة التحالف الثلاثي في العام 2021 الذي لم يكتمل بعد انسحاب التيار الصدري وما أعقبه من إقصاء الحلبوسي من رئاسة البرلمان.
من جهته، كشف مصدر سياسي مطلع أن "القوى الشيعية تفضّل مجيء الحلبوسي ومعه القوائم السنية، حسم والسيادة والجماهير، ضمن تكتل واحد، بما يساعد على تسهيل مفاوضات تشكيل الحكومة وعدم تشظي الموقف السني".
وأضاف المصدر، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "هناك تفاهمات أولية بين هذه الكتل الأربعة، لكن المشهد ما زال في بداياته، والقوى السنية تحاول ترتيب أوراقها قبل الدخول في التفاهم النهائي مع الإطار التنسيقي أو تحالف الإعمار والتنمية".
ويُعد منصب رئيس البرلمان، إلى جانب نحو 6 وزارات ومجموعة من المواقع الإدارية في المستويات الوسطى من الدولة، محورًا أساسيًا في حراك القوى السنية، لكن المعلن في هذه الدورة، أن الحلبوسي يسعى للحصول على منصب رئاسة الجمهورية، ضمن مفاوضات مبكرة في حال اتجه العراق نحو صيغة توافق واسعة بين المكونات الثلاثة.
وفي مقابل ذلك، يظهر مثنى السامرائي في موقع متقدم داخل الخط الشيعي التقليدي، وهو ما يفتح أمامه باب التفاهم السلس مع الإطار التنسيقي، بحكم علاقات قديمة مع أطراف شيعية نافذة، ووجوده في مسار سياسي أكثر تحفظًا مقارنة ببقية الزعامات السنية.
بدوره، أوضح الباحث والكاتب السياسي، أحمد الخضر، أن "إحياء تجربة التحالف الثلاثي الذي شكله الصدر في العام 2021 غير ممكن في المرحلة الحالية، لأن الظروف لا تسمح بتكرار ذلك النموذج".
وأضاف الخضر، لـ"إرم نيوز"، أن "تحالف الإعمار والتنمية الذي يقوده السوداني لا يمتلك الثقل الجماهيري والنيابي الذي كان يتمتع به التيار الصدري كي يقود مشروعًا مشابهًا، كما أن الإطار التنسيقي يمتلك اليوم أكثر من 100 مقعد، وهو قادر على تشكيل الكتلة الأكبر دون الحاجة إلى الإعمار والتنمية".
وبيّن أن "القوى السنية والكردية ليست في وارد المغامرة بالتحالف مع طرف شيعي واحد، وترك بقية القوى الشيعية، لأن ذلك يضعف قدرتها على الحصول على مكاسب حقيقية داخل الحكومة".
وتبقى القوى السنية أمام لحظة سياسية مهمة، إذ تسعى إلى إعادة تثبيت حضورها داخل المعادلة الحكومية الجديدة، مع مراعاة توازنات القوى في البيت الشيعي.
وتظهر المؤشرات الأولية أن التفاهم السني–الشيعي سيُحسم قبل الانتقال إلى الطاولة الكردية، في إطار صياغة اتفاق سياسي شامل يضمن مشاركة كل الأطراف ضمن حكومة مستقرة للسنوات المقبلة.