قالت مصادر مطلعة إن الولايات المتحدة رفعت مستوى دعمها لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي بشكل غير مسبوق، تمهيدا للدور الذي سيلعبه لنزع سلاح الميليشيات.
وأضافت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن زيادة المساعدات الأمريكية للجهاز من 9 ملايين إلى أكثر من 60 مليون دولار سنويا، تأتي ضمن رؤية أوسع لتهيئته ليكون رأس الحربة في مواجهة الفصائل المسلحة، مستفيدة من خبرته العملياتية العالية وابتعاده النسبي عن التجاذبات الحزبية.
وحرّكت الخطة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله المياه الراكدة في العراق بشأن ملف الفصائل المسلحة، وسط تصاعد الضغوط الأميركية على بغداد وارتفاع سقف التوقعات حول إمكانية تكرار التجربة اللبنانية في المشهد العراقي.
ويأتي ذلك في وقت تزداد فيه الانقسامات الداخلية بشأن مستقبل “الحشد الشعبي” والميليشيات المرتبطة به، وما إذا كان العراق قادراً على حصر السلاح بيد الدولة في ظل موازين القوى الراهنة.
في هذا السياق، قال الخبير الأمني رياض الجبوري إن " هناك تجارب سابقة في العراق لنزع سلاح المجموعات المسلحة، أبرزها تفكيك ملف الصحوات (سنية) بعد انتهاء دورها في مواجهة تنظيم القاعدة، حيث نجحت الأجهزة المعنية حينها في دمج جزء من عناصرها ضمن القوات الأمنية، وسحب الأسلحة الثقيلة منها بشكل تدريجي".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "أي تحرك يجب أن يقرن بإرادة سياسية وتحويلها إلى إجراءات منسقة، يكون لجهاز مكافحة الإرهاب دور محوري فيها، لما يمتلكه من قدرات تدريبية عالية وخبرة في العمليات الخاصة، شرط أن يحظى بدعم كامل من باقي صنوف القوات الأمنية، وتحديدًا الجيش والشرطة الاتحادية، لتأمين الغطاء اللوجستي والاستخباري".
وتزامن ذلك مع ضغوط أمريكية متزايدة على بغداد، إذ أكدت وزارة الخارجية الأمريكية معارضتها الشديدة لمشروع قانون الحشد الشعبي، محذرة من أنه سيغير طبيعة الشراكة الأمنية الثنائية، إذ قالت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، إن إقرار القانون "يعزز جماعات مسلحة مرتبطة بإيران ومنظمات مصنفة إرهابية".
وأشار تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى أن تمرير القانون سيمنح غطاء قانونياً لميليشيات تعمل خارج سلطة الدولة، ودعا إلى استخدام أدوات ضغط تشمل العقوبات وتجميد التعاون الأمني وربط المساعدات بمستوى التزام بغداد بالإصلاحات الأمنية.
ولفت الانتباه أن واشنطن رفعت موازنة دعم قوات مكافحة الإرهاب العراقية من 9 ملايين دولار سنوياً إلى أكثر من 60 مليون دولار، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت تراهن على الجهاز في استتباب الوضع الأمني أو الإسهام في ملف نزع أسلحة الميليشيات، ولو بصورة غير مباشرة.
وتأسس جهاز مكافحة الإرهاب بعد العام 2003 بدعم مباشر من الولايات المتحدة، كقوة نخبة عراقية فيدرالية، وتلقى عناصره وضباطه تدريبات متقدمة في أميركا وأوروبا وداخل العراق، شملت حرب المدن، ومكافحة التمرد، والعمليات الخاصة.
وتميز منذ بداياته بالابتعاد عن الصراعات الحزبية نسبياً، وشارك في أبرز المعارك ضد تنظيم “القاعدة” ثم “داعش”.
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي عبدالغني الغضبان إن "الحديث عن تكليف الجهاز بنزع سلاح الميليشيات يرتبط أساساً بموقف الحكومة العراقية وإرادتها السياسية، قبل القدرات العسكرية".
وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "الفصائل المسلحة جزء من منظومة السلطة في بعض مفاصلها، وأي تحرك ضدها دون توافق سياسي داخلي ودعم دولي قد يفتح مواجهة شاملة يصعب ضبطها".
وأضاف الغضبان أن “أي خطة فعالة تتطلب دمج بعض العناصر القابلة للاندماج في المؤسسات الرسمية، وتفكيك البنية الاقتصادية للفصائل، وتجفيف مصادر تمويلها، بالتوازي مع إصلاح المنظومة الأمنية وإعادة هيكلة الأجهزة بعيدًا عن المحاصصة".
ورغم أن جهاز مكافحة الإرهاب يمتلك خبرة عملياتية عالية وقدرة على تنفيذ ضربات نوعية، فإن تجربة العراق مع السلاح المنفلت ترتبط بشبكات نفوذ سياسية وعقائدية معقدة، تجعل من الصعب تكرار سيناريو لبنان بشكل كامل.