قال السياسي السوري، ورئيس حركة البناء الوطني، أنس جودة، إن الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها بعد الهجوم على السويداء. مشيرا إلى أن ملف السويداء لن ينتهي بمنطق الحسم الكامل كما جرى في الساحل السوري، بل يذهب باتجاه استنزاف طويل، مرجحا أن يحصل ما يشبه السيناريو الليبي.
وقال السياسي السوري في مقابلة مسجلة مع "إرم نيوز": إن السلطة لن تقبل - على الأقل حاليا- بأي نوع من التوازن مع دروز السويداء؛ لأنها تريد غلبة كاملة وهذا الأمر من شأنه أن يفتح الأمور على الكثير من الاحتمالات.
بالمقابل، لا يتوقع جودة أن تذهب الأمور إلى انفجارات كبيرة في نهاية الأمر؛ لأنه ليس هناك مصلحة إسرائيلية ولا حتى عربية بأن تبقى الأمور على هذا الشكل، وقال: "ربما سنصل إلى مكان يُفرض فيه نوع ما من التوافق على الطرفين بصيغة ما، وهو ما سيترك أثره على ملف المفاوضات مع قسد"، حسب قوله.
يلفت جودة إلى أن الشيخ حكمت الهجري حاول، أمس، أن يكون موضوعياً، كما فعل من قبل، عندما طالب بالذهاب إلى الحوار؛ لأن الموضوع لا يتعلق فقط بمجرد تسليم لواقع السيطرة في المدينة. وذهب في البيان الأول بأن يكون هناك توافقا، على أن تدخل قوات الأمن إلى المدينة بشكلها الطبيعي كما هو مفترض، ولكن بالفعل ما شاهدناه من فيديوهات ومن تصرفات، يذكّر بأجواء مجازر الساحل وفي كل المجازر، من هيمنة وغلبة وسيطرة وقتل للأقليات.
ولفت رئيس حركة البناء الوطني إلى أنه "لن تكون هناك خرائط جديدة بالمعنى الرسمي المتعارف عليه، لكن سيُفتح الباب لنوع ما من حالات السيطرة المحلية، كما كانت موجودة في اتفاق أستانا بطريقة أو بأخرى، ولكنها أكثر مرونة أمام حركة البضائع والأشخاص، (حالات محلية، وسيطرات محلية، وسلطة مركزية هشة، لا تستطيع أن تضبط الأمور الأمنية).
ورجح جودة أن تتوسع هذه الأمور بطريقة "ربما تذهب بنا في النهاية إلى نوع ما من السيناريو الليبي"، بمعنى بروز قوى أمر واقع مسيطرة على كامل المساحة الجغرافية، وطبعاً بقوة عابرة أيضاً، إذا كنا نتحدث عن داعش وعن الفصائل العابرة أيضاً للمناطق، أيضاً ستكون مؤثرة.
وأكد جودة أن "المشهد فوضوي بالكامل، وهناك نوع من تطوير التوافقات، ولكن الاتفاقات التي ستنتج من توازنات الصراع على طول الخط، ستكون خسائرها هائلة على المدنيين".
يرى السياسي السوري أن سوريا أمام حمام دم لا يتوقف، نتيجة عدم الذهاب إلى حل سياسي منذ البداية. مؤكدا أن هذه التحديات والصراعات أساسها أن العملية الانتقالية لم تجرِ بطريقة جدية، ولم يكن هناك مسار للحوار الوطني الحقيقي الذي يمكن أن يبنى عليه المستقبل السوري.
وأشار جودة إلى أنه "مهما جرى اليوم من ضبط للواقع، سواء في هذه الأيام أو في الأيام القادمة في السويداء أو في غير السويداء، فإن مسار حمام الدم ومسار الغلبة هو المسار المسيطر على الواقع السوري".
وقال السياسي السوري، إن "هناك نوعا من التفاهم السوري الإسرائيلي؛ لأن إسرائيل كانت ترسم خطوط النار سابقاً. وقد شاهدنا ماذا جرى في جرمانا وفي صحنايا عندما خرج الطيران الإسرائيلي ليقصف قرب الكسوة، حيث كان خط النار أو الخط الأحمر الأساسي مرسوما في جنوب دمشق، والسماح للآليات بالذهاب إلى الجنوب معناه أن هناك توافقا مع إسرائيل، علما أن التوافق بين السلطة وإسرائيل بشكل علني وواضح، وليس بحاجة لتحليلات وتفسيرات.
أما بالنسبة للأمريكيين، يقول جودة: "لا أعتقد أنهم مهتمون بهذه التفاصيل، فموضوع السيطرة العامة هو الأساس، ولكن فيما يتعلق بالتحركات الأمنية، فالضوء الأخضر الأساسي هو الإسرائيلي بدون أي نقاش".
وتابع رئيس حركة البناء الوطني "نحن ذاهبون إلى حروب مستدامة وفقا لمنطق الغلبة، ومنطق السيطرة والهزيمة الكاملة لبقية المكونات، وهذا المنطق لا يمكن أن يتحقق. وإذا تحقق عسكريا فلا يعني أن هناك قبولا بهذا الواقع".
وأوضح أن "البديل هو العمل على عقد اجتماعي يحقق الاستقرار للبلاد ولا يستثني أحدا، في دولة جديدة تقوم على عقد اجتماعي توافقي بين المواطنين، مشيرا إلى أن البديل اليوم هو كانتونات طائفية، وهذه لا يمكن أن تحقق الاستقرار، بل ستكون منطلقا لحروب مستمرة بلا نهاية".
