تعيش محافظة السويداء، جنوبي سوريا، لحظات مفصلية يمكن القول إنها الأخطر في تاريخها الحديث..
مع تصاعد دراماتيكي للأحداث خلال يومين فقط بعد اندلاع معارك عنيفة بين فصائل درزية ومجموعات عشائرية مدعومة بقوات من محافظات سورية عدة ،ومن ثم دخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع تحت شعار "استعادة الأمن"، لكن الواقع على الأرض لا يشي بذلك.
فبينما أعلنت الحكومة بدء دخول قواتها إلى مركز المدينة مؤكدة حصولها على ضوء أخضر من الرئاسة الروحية للدروز، تنفي مصادر أهلية ذلك بشدة متوعدة بالمقاومة بعد أن خرج الشيخ حكمت الهجري بفيديو مفاجئ يتبرأ فيه من بيانه السابق بعد مواصلة القصف على المدينة يدعو فيه إلى مقاومة ما وصفه بـ"العدوان"، مطالباً دروز الجبل بالمؤازرة.
ووفقاً لمصادر ميدانية، فإن الهجوم الحكومي بدأ فجراً بتوغل مباغت من محوري بصر الحرير–تعارة وأم ولد–كناكر تدعمه دبابات وطائرات مسيّرة لتندلع اشتباكات عنيفة أوقعت عشرات القتلى والجرحى بينهم مدنيون.
ومع تقدم القوات إلى قرى مثل تعارة وولغا تصاعدت الاشتباكات، وشهدت جبهات كناكر ولبين وحزم والمجيمر عمليات كرّ وفرّ وقصفاً بالهاون والمدفعية.
لكن الصدمة الكبرى جاءت من شهادات ميدانية تتحدث عن عمليات نهب وسلب واسعة النطاق وإحراق منازل وسط مشاهد صادمة انتشرت على مواقع التواصل تُظهر عناصر عسكرية يُهينون مدنيين، إضافة إلى اعتقال عدد من السكان، فيما وقع جنود من وزارة الدفاع في الأسر لدى المجموعات المحلية مع تدمير أو استيلاء على آليات عسكرية.
الحصيلة تجاوزت الـ50 قتيلاً بينهم نساء وأطفال وأكثر من 200 جريح، والمخاوف تتصاعد من حمّام دم جديد خاصة مع النزوح الجماعي للأهالي من مناطق الاشتباك نحو العمق الآمن في السويداء.
ورغم تصريحات وزارة الدفاع بأن الهدف من العمليات هو "بسط سيطرة الدولة" و"منع الفوضى" إلا أن مشاهد النهب وحرق الممتلكات مستمرة لتتعمق الهوة بين السردية الحكومية والواقع الميداني، وترتفع المخاوف من انفجار جديد قد يدفع البلاد نحو انقسام أشد ودماء أكثر في واحدة من أكثر الحلقات المأساوية تعقيداً في الأزمة السورية.
