"رويترز": أمريكا لم توافق بعد على أي مساعدات لأفغانستان بعد الزلزال
يعكس الموقف التركي من التصعيد الإسرائيلي الأخير في سوريا، خصوصاً بعد هجمات استهدفت السويداء وصحنايا ومحيط القصر الرئاسي، تبايناً في الرؤية بين الترقب السياسي والسعي لتفادي التصعيد المباشر.
وبينما تُفسَر سياسة أنقرة بصمت محسوب في انتظار تفاهمات جديدة مع إسرائيل حول النفوذ في سوريا، يعتبر رأي آخر أن تركيا لم تلتزم الصمت، بل أبدت موقفاً واضحاً تجاه ما تراه تهديداً مشتركاً لها ولسوريا.
هذا الجدل يُعيد إلى الواجهة طبيعة التوازنات الدقيقة التي تحكم الموقف التركي في ظل تقاطع المصالح الإقليمية والدولية، وتعقّد المشهد السوري ما بعد اتفاق دمشق ووجهاء السويداء، وتصاعد التوترات التي تضع إسرائيل في موقع اختبار جديد لعلاقتها بكل من أنقرة ودمشق.
الباحثة السياسية المتخصصة في الشؤون التركية، الدكتورة هدى رزق، قالت إن تركيا تلتزم الصمت؛ لأنها تنتظر أن يكون هناك محادثات جديدة بينها وبين إسرائيل لبحث التطورات السورية الأخيرة، لأنه في المرة الأولى لم يكن هناك تفاهم، بل كان هناك تضارب في الآراء.
وأضافت لـ"إرم نيوز"، أن إسرائيل ما زالت تريد أن تحدد نفوذ تركيا في سوريا، ونفوذها هي كذلك، وأن هذا الصراع لن يتوقف عند هذا الحد؛ لأن إسرائيل تعتبر أنها من خلال ضربها حزب الله أُسقطت الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وأجبرت إيران على الانسحاب من المشهد السوري.
وبيّنت أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتبر نفسه هو من أسقط الأسد، وأن هذا الصراع على النفوذ بين الجانبين يمكن له أن يستمر إلى أن يحدث تفاهم ما؛ فتركيا لا تريد أن تقاتل إسرائيل عسكرياً، وهذا ما رأيناه من خلال تصرفات الرئيس السوري أحمد الشرع منذ تسلمه السلطة في دمشق، حيث حاول منذ البداية ألا يصطدم مع إسرائيل.
وخلصت الباحثة إلى أنه نتيجة لذلك، فإن تركيا لا تريد أن تصطدم بإسرائيل في النزاع الجديد في السويداء، وهي تنتظر أن يكون هناك تفاهمات جديدة.
ومن جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي، محمود علوش، أن تركيا لم تلتزم الصمت، وأن لديها موقفا سياسيا قويا تبين خلال اليومين الأخيرين، ومن المتوقع أن يكون لها موقف قوي تجاه التصعيد الإسرائيلي الخطير تجاه استهداف محيط القصر الرئاسي السوري.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن هذه الضربة الإسرائيلية مصممة في جانب إرسال رسالة تهديد ضمنية للرئيس أحمد الشرع شخصياً، وأنه ما من خطوط حمراء تردع إسرائيل.
وذكر علوش أن إسرائيل مصممة على إضفاء مصداقية على وعود الحماية التي تقدمها للدروز، خصوصاً أن هذه الوعود لم تمنع الدولة السورية من الدخول إلى أشرفية صحنايا وجرمانا، ولم تمنع أيضاً اتفاق دمشق ووجهاء السويداء ودخول الدولة إليها.
وأوضح أن هذا الاستهداف، وكذلك الاستثمار الإسرائيلي للحالة الدرزية والحديث عن الأقليات، يندرج في إطار نهج أوسع لاختبار مدى قدرة الشرع على التحرك تحت الضغط الإسرائيلي المادي والمعنوي والعسكري.
وأشار إلى أنه بالنسبة لتركيا، فإنها ترى هذه الاندفاعة الإسرائيلية في سوريا تهديداً لها كما هو تهديد لسوريا، وأن إسرائيل لا تستطيع في الوقت نفسه تجاهل الموقف الأمريكي بشكل عام، الذي يبدي ميلاً تفاوضياً مع الشرع.
وبيّن علوش أن الولايات المتحدة تولي اهتماماً كبيراً من الناحية الاستراتيجية في الأهداف والمصالح مع تركيا في سوريا، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبّر بوضوح خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً، عندما أكد أن تركيا الدولة الأكثر تأثيراً في مستقبل سوريا، وأن على إسرائيل أن تكون أكثر عقلانية في التعامل مع هذا الأمر، وكذلك في الأهداف التي تضعها في سوريا كي تكون قادرة على التطبيع.
وخلص إلى أن هناك ضغطاً على الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا، ومن الضروري أن يضع الرئيس الشرع وتركيا في حسبانهما أن إسرائيل لن تتخلى بسهولة عن أهدافها في سوريا، حتى وإن اضطرت إلى تعديل خطابها وأساليبها، خاصة أن هدفها الاستراتيجي هو إبقاء سوريا تحت الضغط والتوتر لتتمكن من التحرك بحد أدنى من التكاليف الإقليمية والدولية.