يرى خبراء أن لبنان أمام منعطف حاسم مع تطور المفاوضات الأمريكية-الإيرانية؛ حيث سيترك أي اتفاق أو تصعيد عسكري تداعياته المباشرة على ملف سلاح حزب الله والاستقرار الداخلي.
ويؤكد الخبراء أن طهران تفصل بين ملفها النووي وأذرعها الإقليمية؛ فيما يرى آخرون أن أي تسوية ستشكّل ضغطًا على الحزب لمراجعة أدواره، خاصة مع تراجع مفهوم "وحدة الساحات" وصعود سياسة "فصل المسارات".
وقال المحلل والباحث السياسي، علي شندب، إن "العدوان الإسرائيلي على لبنان، خلق وقائع جيواستراتيجية جديدة، بغض النظر عن المآلات النهائية للمفاوضات النووية الأمريكية-الإيرانية".
وأضاف: "حلّ فصل الساحات والاستفراد بها من قبل إسرائيل محلّ وحدة الساحات، وهذا ما يفسّر استمرار إسرائيل في حربها على لبنان رغم ما سُمّي بوقف إطلاق النار".
وأردف لـ "إرم نيوز" أنه رغم تأكيد الجانب الإيراني أن المفاوضات تتركّز حصرًا على المشروع النووي الإيراني، ولا تشمل حتمًا أذرع إيران في المنطقة، والتي أصابها نوع من الشلل؛ فإن نتائج المفاوضات ستنعكس بالضرورة على الواقع اللبناني الشديد التعقيد.
وأشار إلى أنه بالنظر إلى توازنات لبنان "الديموغرافية" المعلومة، وخصوصًا بيئة الثنائي الشيعي التي أثبتت في الكثير من المحطات أنها لم تزل متماسكة في تمسكها بخيار المقاومة، كما أفصحت عن ذلك الانتخابات البلدية.
ولفت إلى أنه، ورغم النفخ فيما سُمّي "بالتيار الشيعي الثالث"، إلّا أنّه لم يتمكن من تحقيق حتى خرق صغير.
وأوضح أنه، رغم ذلك، فإنّ لبنان ليست حبيسة نتائج المفاوضات، لكنها ستتأثر بها؛ وإن هذا التأثير سينعكس خاصة على حزب الله، الذي رغم تلقيه ضربات قاسية معلومة، إلا أنّه لم يزل يشكل قلقًا حقيقيًا لإسرائيل؛ سيّما وأن إسرائيل نفذت كل بنك أهدافها دون أن تتمكن من القضاء على ترسانة حزب الله؛ ما قد يفتح شهية إسرائيل لتوسيع الحرب على لبنان بهدف تدمير هذه الترسانة.
ومن جانبه، قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية، شارل جبور، إنّ المفاوضات الأمريكية-الإيرانية، وما ستؤول إليه، إما باتجاه عقد صفقة أو مواجهة عسكرية، ستُحدِّد مصير المنطقة ومستقبلها؛ وسيكون لذلك تأثير مباشر على لبنان.
وأضاف جبور لـ "إرم نيوز"، أنَّ هذا التأثير على لبنان يأتي في إطار كونه جزءًا لا يتجزأ من وضع اليد الإيرانية عليه؛ أما في حال حصول حرب، فهذا يعني انتهاء الدور الإيراني، وانتهاء كل ما يتعلق بمفهوم الثورة الإيرانية، أما في حال ذهبت الأمور نحو عقد اتفاق، فلا يعني ذلك تجنيب الدور، بل فقط تجنّب الحرب.
وأشار إلى أنَّ الأذرع الإيرانية اليوم لن تكون جزءًا من الاتفاق، الذي يعني تراجع إيران عن التخصيب، مقابل تراجع الولايات المتحدة عن ضرب إيران؛ ومع انتهاء دور الأذرع، لم يعد الدور الإيراني كما كان في السابق، عندما كانت طهران تتعاطى مع المشهد من منطلق "وحدة الساحات"، وكانت تتباهى بقولها إنها تسيطر على أربع عواصم عربية، وتربط بين دورها وأذرعها.
وأوضح أنَّ الأذرع الإيرانية لم تَعُد جزءًا من التفاوض؛ لأنها انتهت، ولم يَعُد هناك ما يُسمّى بوحدة الساحات؛ أما الولايات المتحدة فقد تعاملت مع مبدأ "فصل المسارات"، فالحل في غزة منفصل عن الحل في لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن.
وبيّن أن ما حصل اليوم هو إسقاط نظام الأسد، وأن هناك نظامًا بديلًا بات يقف ضد إيران وتوجهاتها؛ وتم إضعاف حزب الله إلى حدودٍ قصوى في لبنان، ولن تعود حماس إلى مستقبل غزة، فيما حيّد العراق نفسه، و"الحوثي" وضعه مأساوي.
ولفت إلى أن ما سيحصل في لبنان، سواء في حال الحرب أو الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة، ستكون له ارتدادات مباشرة؛ ولكن، بمعزل عن ذلك، هناك قرار دولي يمنع حزب الله من امتلاك أي سلاح، وإلا سيبقى الوضع على ما هو عليه، أي في موقع رد الفعل لا في موقع المبادرة، ويكتفي بإحصاء ضربات الإسرائيليين.
وختم بقوله: "حزب الله لا يستطيع الرهان على صفقة أمريكية-إيرانية من أجل تجديد دوره، الذي انتهى بقرار دولي في لبنان والمنطقة؛ وهذا قرار حتمي ونهائي وغير قابل للتفاوض، ومهما كانت نتائج المفاوضات، فإن الدور الإيراني في لبنان قد انتهى".