logo
العالم العربي

انسحابات بالجملة تهز "سباق تشرين" الانتخابي في العراق

انسحابات بالجملة تهز "سباق تشرين" الانتخابي في العراق
لافتات تدعو لمقاطعة الانتخابات في العراقالمصدر: مواقع التواصل الاجتماعي
28 يونيو 2025، 12:32 م

اتسعت رقعة الانسحابات من الانتخابات العراقية المرتقبة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ما يؤشر على تصاعد على أزمة ثقة متنامية في نزاهة العملية الانتخابية وجدواها، وسط اتهامات بشراء الذمم واستغلال مؤسسات الدولة لمصلحة قوى بعينها.

وآخر القوى السياسية المنسحبة هي تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي أعلن عدم المشاركة بمرشحين خاصين به، بسبب ما وصفه بهيمنة المال السياسي وغياب الإجراءات الرادعة ضد التلاعب واستغلال موارد الدولة.

ولم يكن تحالف النصر هو المنسحب الوحيد، بل سبقه في ذلك التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي أكد في أكثر من مناسبة عدم خوض الانتخابات القادمة بأي شكل، في موقف أثار تساؤلات حول مستقبل التوازن السياسي في البلاد.

كما انسحب تيار الخط الوطني، التابع لرئيس الوزراء الأسبق مصطفى الكاظمي، متهماً الطبقة السياسية بإعادة إنتاج نفس المعادلات الفاشلة منذ 2003، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة ومرشحين داخل تحالفات كبرى مثل "العزم" بزعامة مثنى السامرائي.

أخبار ذات علاقة

فريق تابع للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق

118 حزبًا و25 تحالفًا تتقدم للمشاركة في الانتخابات العراقية

ومن جهته، أعلن محمد صاحب الدراجي، وهو مستشار لرئيس الوزراء العراقي، وضمن تحالف "الإعمار والتنمية" بقيادة السوداني، انسحابه هو الآخر من الانتخابات، مع الإبقاء على دعمه للعملية برمتها.  

بدوره، أوضح المتحدث باسم تحالف النصر أحمد الوندي أن "قرار عدم خوض الانتخابات بمرشحين جاء بعد تقييم موضوعي للبيئة الانتخابية التي تعاني من اختلالات جوهرية"، مشيرًا إلى أن "التحالف سيكتفي بدعم مرشحين ضمن قوى الدولة الوطنية ممن تتوفر فيهم النزاهة والكفاءة".

وأضاف الوندي لـ"إرم نيوز"، أن "الانتخابات فقدت توازنها بسبب المال السياسي واستغلال النفوذ، ما يجعل منها أداة لإعادة إنتاج الفشل"، لافتًا إلى أن "التحالف لن يكون شاهد زور على عملية مشوهة لا تعبّر عن إرادة العراقيين".

ماذا عن نسب المشاركة؟

ويُتوقع أن تُلقي هذه الانسحابات بظلالها على نسب المشاركة الشعبية، لا سيما في ظل غياب التيار الصدري الذي حصد 73 مقعداً في انتخابات 2021، ويتربع على قاعدة جماهيرية تُقدر بالملايين، خصوصاً في بغداد والمحافظات الجنوبية.

وبحسب تقديرات أولية لمختصين في الشأن الانتخابي فإن نسبة التصويت قد تتراجع إلى أقل من 30% في بعض الدوائر ذات الكثافة الصدرية، في حال استمرت المقاطعة دون متغيرات في المشهد.

وفي هذا السياق، أطلقت منصات قريبة من التيار حملات شعبية تدعو إلى المقاطعة، مستخدمة وسم "لا نشارك"، فيما انتشرت ملصقات في أحياء متفرقة من بغداد والنجف وميسان تدعو المواطنين إلى "عدم منح الشرعية للفاسدين".

ويرى مختصون أن هذه الحملات قد تؤثر في المزاج العام، وتدفع شرائح مترددة إلى خيار المقاطعة الصامتة.

أخبار ذات علاقة

لافتات تدعو لمقاطعة الانتخابات في العراق

التيار الصدري يدشن حملة واسعة تدعو لمقاطعة الانتخابات العراقية

وتعزز هذه الانسحابات المخاوف من استغلال المال العام في تمويل الحملات الانتخابية، إذ يعمل عدد من النواب والمرشحين الحاليين على تسخير نفوذهم داخل الوزارات والدوائر الخدمية لتوجيه مشاريع نحو مناطق نفوذهم، بهدف تعزيز حضورهم الشعبي.

ويأتي ذلك على وقع تفجر فضيحة داخل وزارة التربية، فقد كشفت تسريبات عن قيام إحدى مديرات المدارس بدعوة كادرها التعليمي عبر مجموعات "واتساب" إلى التصويت لمصلحة مرشح معين، ما أثار انتقادات واسعة ودفع الوزارة إلى فتح تحقيق رسمي في الواقعة.

انسداد سياسي مبكر

من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي عبد الله الركابي أن "الانسحابات المتتالية من السباق الانتخابي تعكس انسداداً مبكراً في الأفق الديمقراطي، وتكشف خللاً عميقاً في قواعد اللعبة الانتخابية".

وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "غياب بيئة انتخابية عادلة ونزيهة، واستمرار استخدام السلاح والمال والسلطة، كلها عوامل تهدد مستقبل الاستحقاق، وتضعف من فرص التمثيل الشعبي الحقيقي".

ويقول خبراء قانونيون إن استمرار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من دون إصلاحات هيكلية، يضع علامات استفهام على قدرتها في ضبط العملية، خصوصاً في ظل حديث سابق لأعضاء فيها عن تدخلات حزبية وسياسية.

 غياب تكافؤ الفرص

وتشير تقارير سابقة إلى تسجيل خروقات واسعة في انتخابات 2018 و2021، من بينها عمليات تزوير في النتائج، وضغوط سياسية مورست على المفوضية، إلى جانب تسريبات صوتية كشفت عن دفع مبالغ ضخمة مقابل تغيير ولاءات سياسية داخل البرلمان.

وتُثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الدورة الانتخابية ستشهد "إعادة تدوير" للوجوه التقليدية فقط، في ظل غياب البدائل وارتفاع كلفة المنافسة، أم أن الانسحابات قد تفسح المجال لقوى جديدة لم تُجرّب بعد، رغم ضآلة فرصها في ظل نظام انتخابي معقد وشكاوى مستمرة من عدم تكافؤ الفرص.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC