كشف رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري في الجنوب السوري، نجيب أبو فخر، عن عقد صلح عشائري كبير في منطقة "المطلة"، بمشاركة ممثلين عن كافة عشائر المنطقة، وذلك لمعالجة التدهور الأمني المتصاعد.
وأوضح أبو فخر، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الاجتماع يهدف إلى وضع حد للاشتباكات المسلحة والفلتان الأمني الذي تشهده مناطق درعا والسويداء، خاصة في براق التي أصبحت بؤرة لعمليات التهريب والمواجهات بسبب موقعها الاستراتيجي.
وأضاف أن المنطقة تشهد تحديات أمنية كبيرة تفاقمت بفعل الظروف الجوية الصعبة، معربًا عن أمله في أن يُشكّل الصلح العشائري خطوة نحو استعادة الاستقرار.
وقال إن التحدي الأمني الكبير لا يتعلق فقط بمنطقة براق، التي هي منطقة تابعة لمحافظة درعا؛ لكنها تقع بين محافظتَي السويداء وريف دمشق.
وأضاف أن منطقة براق يليها المسمية ثم ساكر، تتبع لمحافظة درعا التي تشهد اضطرابات أمنية في الفترة الأخيرة، كان آخرها يوم أمس في منطقة جاسم، وقبلها بأيام قليلة حدثت اضطرابات في منطقة طفس.
واعتبر أن هذه المناطق دائمًا ما تشهد اشتباكات، وفيها مطالبات من الناس بوضع حد لفوضى السلاح؛ مبيّنًا أن إحدى المعارك حدثت في اليوم الثاني للصلح بين العشائر.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالسويداء، وعلى الرغم من انتشار عناصر الأمن العام ومعظمهم من أبناء المحافظة، إلا أن منطقة براق تُعد مسرح عمليات لمجموعات ذات تبعيات متعددة؛ فقد شهدت المنطقة نصب كمائن لمجموعة "أنصار السنة" منذ فترة، وتم إلقاء القبض على ما يقارب 200 شخص من مناطق متعددة في الجنوب السوري.
وأشار إلى أن منطقة براق شهدت خمسة اشتباكات خلال الفترة الأخيرة؛ أحدها كان كمينًا استهدف مجموعة درزية كانت في طريقها إلى أشرفية صحنايا، واثنان منها كانا اشتباكين بين أهالي براق أنفسهم، فيما كان الاشتباك الرابع مع مجموعة عابرة؛ نظراً لكون المنطقة ممرًا حيويًا بين درعا والبادية السورية، أما الخامس فكان نتيجة خلاف داخلي تطوّر إلى مواجهة مسلحة.
جغرافيًّا، بيّن أبو فخر أن منطقة براق، كخط نظر باتجاه الشرق، تتقاطع على بُعد 10 كيلومترات جنوب تل دكوة، جنوب مطار دمشق الدولي؛ وبالتالي، تُعدّ هذه المنطقة معبرًا للحركة، وممرًّا لتهريب الأسلحة والمخدرات؛ ما يجعل الاشتباكات فيها مستمرة، نظرًا لخصوصية الموقع التي تُتيح مثل هذه الأنشطة.
وذكر أن التحديات الأمنية كبيرة جدًا، خاصة أن من يقطن المنطقة مجموعات، رغم أنها "سُنّية"، إلا أنها غير مؤيدة للنظام الحالي، وتستفيد من حالة الفلتان الأمني لفرض واقعها.
وتابع: "لذلك، فإن طريق السويداء دائمًا ما يكون مقطوعًا ليلًا؛ بسبب استمرار عمليات خطف السيارات حتى اليوم، رغم وجود ثلاثة حواجز على الطريق. وهذا الطريق ليس صمّام أمان فقط، بل يتطلب من الدولة تأمين المناطق المحيطة به، وهو أمرٌ تقنيًّا في غاية الصعوبة".
ولفت إلى أن "الصعوبة في الوقت الحالي تتفاقم بسبب الحالة الطقسية السائدة، حيث تهبّ رياح الخماسين؛ ما يؤدي إلى كثافة الغبار من جنوب خربة الورد وصولًا إلى براق، وهي منطقة منعدمة الرؤية حتى عند استخدام المناظير، في ما يُعرف باللهجة المحكية بـ (العجّاج)".
وأضاف أن "المنطقة الآن ينتشر فيها الأمن العام من أبناء المنطقة ومن مناطق أخرى؛ لكن، وبسبب الظروف الجوية والوضع البيئي وحالة انعدام الأمن، لا يمكن تحقيق أي تقدم في الوقت الحالي".
ورأى أن ذلك ليس عجزًا من الدولة، بقدر ما هو مرتبط بالظروف العامة، والتي ستستمر كذلك حتى ما بعد منتصف شهر يوليو القادم؛ لذلك، من الآن وحتى ذلك الحين، سيشهد الجنوب فوضى، سواء على الصعيد الأمني أو في ما يتعلق بعمليات التهريب، مستغلّين هذه الظروف.
وبيّن أن منطقة براق تُعدّ نقطة اتصال، فهي تُعتبر نهاية خط اللجاة الصخري شمال السويداء ودرعا، ونقطة التقاء مع بداية خط البادية الأول.
وأكد أبو فخر أن هناك اجتماعًا يُعقد حاليًّا في منطقة المطلّة تحت مسمى "صلح عشائري"، ويضم الاجتماع ممثلين عن كافة عشائر مناطق الجنوب السوري، بمشاركة لا تقل عن ألفي شخص، بهدف حل مسألة الفلتان الأمني، ووقف الاشتباكات، ومعالجة القضايا التي تُسبّب الاحتقان الشعبي وما إلى ذلك.