ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستخدم تكتيكه المعروف في كسب الوقت، بعد أن وافق على توسيع محدود للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بسبب تزايد الضغوط الدولية عليه، بينما تمنحه عطلة الكنيست الإسرائيلي مساحة للمناورة.
وأفادت الصحيفة، بأن نتنياهو عقد اجتماعًا لمجلسه الأمني يوم السبت، مستغلًّا غياب اثنين من أبرز شركائه اليمينيين المتشددين بسبب عطلة السبت اليهودية، حيث صادق خلال الاجتماع على إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة ووافق على وقف مؤقت للقتال في ثلاث مناطق لتسهيل إيصالها.
بدأ تنفيذ القرار يوم الأحد، تزامناً مع بدء عطلة الكنيست الصيفية التي تستمر ثلاثة أشهر؛ ما منح نتنياهو فرصة سياسية للمناورة دون مواجهة فورية من داخل البرلمان، بحسب الصحيفة.
وأضافت الصحيفة، أن نتنياهو يواجه ضغوطاً داخلية أيضاً، ليس فقط بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، بل كذلك بسبب فشل الحكومة في تأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين في القطاع.
وقد عبر وزراء في حكومته اليمينية، مثل إيتمار بن غفير، عن غضبهم من استبعادهم من التصويت على القرار، واعتبروا أن وقف القتال والسماح بدخول المساعدات جرى دون علمهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن استطلاعاً للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي الشهر الماضي أظهر أن نحو ثلثي الإسرائيليين اليهود يعارضون زيادة المساعدات لغزة، إلا أن هذا الاستطلاع سبق تصاعد التحذيرات الدولية من خطر المجاعة.
من جانبه، وصف وزير المالية اليميني المتشدد بتسلئيل سموتريتش قرار التخفيف بـ"التحرك الاستراتيجي الجيد"، في إشارة إلى أنه قد يكون مؤقتاً.
أما نتنياهو، فقال إن إدخال كميات "ضئيلة" من المساعدات لا يتعارض مع مواصلة العمليات العسكرية التي تهدف إلى "القضاء على حماس" و"تحرير الرهائن"، حسب الصحيفة.
ورأت "واشنطن بوست" أن نتنياهو يواصل استخدام تكتيكه المعروف في كسب الوقت بدل اتخاذ قرارات مصيرية، مشيرة إلى أن واشنطن بدأت تفقد صبرها من غياب الوضوح في التوجه الإسرائيلي.
ونقلت عن يعقوب ديان، القنصل الإسرائيلي السابق في لوس أنجلوس، قوله إن إدارة ترامب بعثت برسالة مفادها: "إما أن تبرم صفقة كاملة، وإما تتجه لاحتلال غزة – نحن سندعم الخيارين، لكننا نريد قراراً".
كما لفتت الصحيفة إلى أن استطلاعات الرأي داخل إسرائيل تشير إلى أن معظم المواطنين يؤيدون هدنة تفضي إلى إطلاق سراح الرهائن، حتى ولو تطلب الأمر انسحاباً من غزة وفقدان المكاسب الميدانية.
وأوضحت أن عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي بلغ 898 جندياً، وهو الأعلى منذ عقود، وسط استخدام حماس لأساليب كمائن وحرب عصابات؛ ما فاقم حالة السخط في الشارع الإسرائيلي، خاصة مع استدعاء آلاف الجنود الاحتياطيين للخدمة المتواصلة.
ونقلت الصحيفة عن يوهانان بليسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، قوله إن "نتنياهو يناور سياسياً، لكنه بات يواجه ضغطاً متزايداً حتى من داخل الجيش"، مشيراً إلى أن هناك رغبة متنامية داخل المجتمع الإسرائيلي للتوصل إلى صفقة تضمن الإفراج عن الرهائن بوسائل غير عسكرية.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو يتمتع الآن بهدوء سياسي يمتد لثلاثة أشهر بفضل عطلة الكنيست، لكنه سيواجه بعدها مفترق طرق حاسماً، إما الدعوة لانتخابات مبكرة، وإما محاولة الحفاظ على ائتلاف هش يعاني من انسحاب بعض الأحزاب.
وفي هذا السياق، قالت غايل طالشير، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، للصحيفة: "لم يعد أمام نتنياهو مجال للمناورة. عليه أن ينهي الحرب في غزة".
