الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
فتح الهجوم الأخير على حقل كورمور الغازي في السليمانية، ملف "نفوذ الميليشيات" المسلحة داخل العراق، بعدما تحول الاستهداف من حادث أمني منفصل إلى قضية مفصلية في خريطة التوازنات السياسية.
وأدى الهجوم الذي شنته طائرات مسيرة على الحقل الغازي، إلى انقطاع كبير للتيار الكهربائي داخل إقليم كردستان العراق، وسط تأكيدات رسمية بأن تدفق الغاز إلى محطات التوليد توقف بالكامل منذ مساء الأربعاء.
ووصلت اللجنة الأمنية العليا المكلّفة بالتحقيق إلى السليمانية، تنفيذاً لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني، الذي أمر بتشكيل لجنة عاجلة برئاسة وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وعضوية رئيس جهاز المخابرات الوطنية ووزير داخلية إقليم كردستان، وبإسناد من التحالف الدولي.
ووفق الناطق باسم القائد العام، صباح النعمان، فإن "اللجنة باشرت أعمالها بشكل فوري داخل الحقل، وستُعلن نتائج التحقيق خلال 72 ساعة".
بدوره، قال مصدر أمني مطلع إن "الهجوم يحمل بصمات دوافع مختلفة، فالمؤشرات الأولية وتلميحات قادة الإقليم تؤكد أن للفصائل المسلحة يداً في الاستهداف، لأسباب ترتبط بالضغوط المرتبطة بملف الغاز في العراق".
وأضاف المصدر، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "وجود شركات عربية وأجنبية في كورمور يؤسس لبيئة استثمارية واسعة قد لا تستفيد منها الفصائل، سواء في العقود الرئيسة أو الثانوية، ما جعل الحقل هدفاً متكرراً خلال السنوات الماضية".
وتابع أن "المشهد لا يمكن عزله عن ملفات إقليمية حساسة، منها عدم رغبة إيران بأن يستغني العراق عن واردات الغاز، بالتزامن مع تقارير عن اختراق جوي في ميسان قرب الحدود، وأنباء عن نشاط عسكري إسرائيلي قرب إيران خلال الأيام الماضية، ما يجعل ضرب حقل غازي كبير في شمال العراق جزءاً من صورة أكثر اتساعاً".
وأردف المصدر قائلاً إن "الحزب الديمقراطي الكردستاني خرج من الانتخابات الأخيرة بأكثر من مليون صوت، ما عزز موقعه السياسي داخل الإقليم وفي بغداد، وهناك أطراف لا ترغب بترجمة هذا الثقل إلى نفوذ اقتصادي مستقر، ما يجعل الاستهداف أداة ضغط غير مباشرة".
ووفق المصدر، فإن "التوقيت السياسي بالغ الأهمية، فالعراق يقف على أعتاب مرحلة تشكيل الحكومة، وأي هجوم يقرأ كرسالة موجهة لجميع الأطراف بأن مفاتيح الاستقرار ما زالت بيد من يمتلك القدرة على تعطيل مشاريع الطاقة".
في المشهد الأوسع، يرى مراقبون أن تداخل العوامل السياسية والأمنية والاقتصادية يجعل ملف كورمور جزءاً من معادلة أكبر تتشكل على مستوى الإقليم.
ويتحرك العراق في الوقت الراهن، بين ضغوط متعددة مثل الحاجة المتزايدة للغاز، والتحالفات الداخلية المتغيرة، وضبابية تشكيل الحكومة المقبلة، إضافة إلى تحولات مهمة في السياسة الأمريكية تجاه المجموعات المسلحة.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي خالد الغريباوي إن "تصاعد أزمة كورمور يتجاوز إطار الحوادث الأمنية، فالعراق اليوم يقف أمام إعادة تعريف موقعه في معادلة الإقليم، وتوجه الولايات المتحدة نحو سياسة ضغط صريح على القوى المسلحة".
وأضاف الغريباوي لـ"إرم نيوز" أن "التوتر الذي رافق الهجوم جاء متزامناً مع موقف واضح عبر عنه مبعوث إدارة ترامب مارك سافايا بعبارة (لا مكان للميليشيات في العراق) وهي رسالة لا يمكن فصلها عن تحركات واشنطن داخل ملفي الطاقة وتشكيل الحكومة".
وتابع أن "القوى المدعومة بالسلاح تمتلك حضوراً انتخابياً، لكنها وفق القراءة الأمريكية لن تملك القدرة على السيطرة على الوزارات السيادية أو ملفات الطاقة والمال والأمن".
ومع استمرار التحقيقات الميدانية داخل الحقل، تبقى صورة الهجوم محكومة بتقاطعات داخلية وخارجية، فيما يتوقع أن تكشف الساعات المقبلة عن تفاصيل أوسع تتعلق بالجهة المنفذة ومسار الضغط الذي تزامن مع أخطر ضربة تطال قطاع الغاز في العراق منذ سنوات.
وعلى مدار السنوات الماضية، انتهت التحقيقات المتعلقة باستهدافات كورمور السابقة إلى نتائج وصفت بأنها "غامضة"، إذ كانت البيانات الرسمية تشير في كل مرة إلى وقوف "جهات مجهولة" خلف الهجمات، من دون تسمية أي طرف بشكل مباشر، أو الإعلان عن توقيف قادة المجموعات المتورطة، أو عرض نتائج حاسمة للرأي العام.
وهذا النمط المتكرر جعل ملف التحقيقات مثار جدل واسع، وفتح الباب أمام قراءات تربط بين تكرار الهجمات وغياب المعالجة الجدية، خصوصاً أن الاستهدافات بقيت تتزامن مع مراحل سياسية حساسة أو مفاصل مفاوضات مهمة بين بغداد وأربيل.