logo
العالم العربي

نساء وأطفال داعش.. العراق يقرر إنهاء "الملف الملغوم" بترحيل جماعي

نساء وأطفال داعش.. العراق يقرر إنهاء "الملف الملغوم" بترحيل جماعي
نساء من تنظيم داعشالمصدر: رويترز
24 أغسطس 2025، 3:56 م

يتجه العراق نحو إنهاء واحد من أكثر الملفات تعقيدًا وإثارة للجدل منذ هزيمة تنظيم داعش عام 2017، والمتمثل بملف السجينات الأجنبيات وأطفالهن الذين ما زالوا محتجزين داخل أقسام إصلاحية.

وأعلنت وزارة العدل العراقية عن خطة لترحيل النزيلات الأجنبيات والعربيات وأطفالهن غير الشرعيين إلى بلدانهم، وفق مذكرات تفاهم، ومبدأ المعاملة بالمثل.

أخبار ذات علاقة

عنصر من قوات مكافحة الإرهاب العراقية

العراق: داعش "مشلول" والحدود مستقرة

وأوضحت أن "لجنة عليا برئاسة وزير العدل خالد شواني، وعضوية مجلس القضاء الأعلى ووزارة الخارجية ومستشارية الأمن القومي، باشرت عملها بالفعل لوضع آلية الترحيل".

وأضافت الوزارة أن "هذه الخطوة تهدف إلى تخفيف الاكتظاظ في السجون العراقية، وتقليل الأعباء المترتبة على رعاية مئات الأطفال والنساء من جنسيات متعددة"، مؤكدة أن الإجراءات لن تشمل المحكومات بالإعدام".

ويأتي ذلك بعد سنوات على توقف الحرب ضد التنظيم، حيث ما زالت مئات العائلات الأجنبية مرتبطة بمقاتلين أو عناصر قاتلوا في صفوف "داعش" عالقة في السجون العراقية.

أبعاد إنسانية وأمنية

وبينما أصدرت المحاكم العراقية آلاف الأحكام على مقاتلي التنظيم بموجب قانون مكافحة الإرهاب، فإن ملف النساء والأطفال ظل من أكثر القضايا حساسية بسبب تداخل الأبعاد الأمنية والإنسانية فيه.

وكشف مسؤول في وزارة العدل العراقية أن "السجينات الأجنبيات موزعات على عدة مؤسسات إصلاحية في بغداد والناصرية، وأن الوزارة جهزت منذ أشهر قوائم مفصلة بأسمائهن وأسماء الأطفال المرافقين لهن، وقد تم تسليم تلك القوائم إلى سفارات الدول المعنية".

وأضاف المسؤول، الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "المفاوضات لا تزال صعبة، إذ ترفض بعض الدول الأوروبية استقبال رعاياها، وتطلب الاطلاع على الملفات القضائية الكاملة قبل اتخاذ أي قرار، فيما أبدت دول آسيوية استعدادًا مبدئيًا للاستلام وفق اتفاقيات ثنائية".

وأشار إلى أن العراق ينفق سنويًا ملايين الدولارات لتأمين الغذاء والدواء والملابس لهؤلاء السجينات وأطفالهن، فضلًا عن توفير برامج تعليمية محدودة داخل السجون"، مؤكدًا أن "استمرار بقائهم يضاعف الأعباء المالية ويزيد من المخاطر الأمنية المرتبطة بإمكانية تأثر الأطفال بأفكار التنظيم".

وتشير تقارير رسمية سابقة إلى أن عدد هؤلاء يتجاوز 700 فرد، بينهم 550 امرأة و152 طفلاً من جنسيات مختلفة.

وكانت مفوضية حقوق الإنسان العراقية قد حذرت عام 2023 من أن استمرار هذا الملف دون حلول جذرية يعرض العراق لضغط إنساني ومالي هائل، لافتة إلى أن دولًا عدة رفضت استلام رعاياها بحجة صعوبة دمجهم في المجتمع أو لاعتبارات سياسية وأمنية.

وعلى الرغم من أن العراق سبق أن نجح في تسليم نحو ألف طفل من أبناء مقاتلي التنظيم إلى دولهم منذ 2018 وحتى 2021، إلا أن مسار الترحيل تعثر لاحقًا، بسبب تغير مواقف الحكومات الأجنبية وتراجع التعاون الدولي.

ويرى مختصون أن بعض هذه الدول تفضل بقاء مواطنيها داخل العراق على إعادتهم ومحاكمتهم محليًا، تفاديًا لضغوط الرأي العام الداخلي.

المعايير الدولية

بدوره، أوضح الخبير القانوني مصدق عادل، أن "قرار الحكومة الأخير ينسجم تمامًا مع الدستور العراقي الذي يحظر على السلطات أي شكل من أشكال دعم الإرهاب أو توفير غطاء قانوني له"، موضحًا أن "الحكومة ملتزمة بعدم منح الجنسية لزوجات وأطفال عناصر داعش، ما يجعل الإجراء منسجمًا مع القانون والدستور".

وأضاف عادل لـ"إرم نيوز" أن "الترحيل يتطابق كذلك مع المعايير الدولية، فإعادة هؤلاء إلى الدول التي ينتمون إليها هو الخيار الطبيعي، وعلى تلك الدول أن تتحمل مسؤولية رعاياها وفق جنسية الأب، سواء من خلال محاكمات أو برامج إعادة تأهيل، بدلاً من ترك العبء كله على العراق".

وتتباين مواقف الدول في هذا الملف، إذ أقدمت بعض بلدان آسيا الوسطى مثل كازاخستان وأوزبكستان خلال السنوات الماضية، على إعادة مئات النساء والأطفال وتوفير برامج لإعادة دمجهم، بينما تتعامل معظم الدول الأوروبية بتردد شديد، معتبرة أن "إعادتهم انتحار سياسي"، وهو ما يضع العراق في مواجهة معضلة مزدوجة بين التزاماته القانونية وأعبائه الأمنية.

ويرى مختصون أن ترك هذا الملف معلقًا قد يخلق بيئة خصبة للتطرف، خصوصًا أن الأطفال الذين يكبرون داخل السجون قد يصبحون عرضة لخطاب الكراهية أو استغلال الجماعات المتشددة مستقبلاً، في ظل غياب برامج إعادة تأهيل شاملة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC