يعتزم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إطلاق تحالف "قرار"، مدعوماً بشخصيات بارزة من قيادات الحشد الشعبي؛ استعدادا لخوض الانتخابات النيابية.
وتشير المعطيات السياسية إلى أن السوداني يعمل حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على تحالف سياسي جديد تحت اسم "قرار"، بمشاركة شخصيات نافذة مثل فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، وأحمد الأسدي، وزير العمل وقائد سابق في الحشد.
ويحذر مراقبون من أن التعويل على تحالفات قائمة على دعم فصائل سياسية أو عسكرية قد لا يضمن استقرار المشهد، مستشهدين بتجربة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي تحالف في فترة سابقة مع فالح الفياض وقوى أخرى، قبل أن يجد نفسه معزولاً بفعل تبدّل الولاءات والانقسامات.
ويرى هؤلاء أن السوداني قد يواجه المصير ذاته إذا لم ينجح في ترسيخ تحالفاته ضمن معادلات أكثر تماسكاً واستدامة.
وبدوره، قال الخبير في الشأن العراقي غالب الدعمي إن "الحصول على رئاسة الوزراء في العراق لا يخضع للمعايير التقليدية المتعارف عليها، بل تحكمه جملة من المحددات المعقدة، أبرزها التوافقات الإقليمية والدولية، لا سيما بين واشنطن وطهران".
وأوضح الدعمي لـ"إرم نيوز"، أن "عدد المقاعد البرلمانية التي يحصدها أي تحالف أو شخصية لا يشكل ضمانة للوصول إلى رئاسة الحكومة، بدليل أن شخصيات بارزة، مثل إياد علاوي ونوري المالكي، حصلوا في فترات سابقة على أكثر من مئة مقعد، دون أن يتمكنوا بالضرورة من تأمين رئاسة الوزراء".
وأشار إلى أن "السوداني يواجه معارضة متنامية داخل الإطار التنسيقي نفسه، نتيجة تصاعد مشاعر القلق تجاه تحركاته السياسية".
وفي خضم التحضيرات لتشكيل تحالف "قرار" بقيادة السوداني، شهدت الساحة السياسية تطورًا مفاجئًا تمثل في انسحاب هادي العامري، زعيم منظمة "بدر"، من التحالف قبل الإعلان الرسمي عنه.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن انسحاب العامري جاء نتيجة خلافات حادة مع السوداني؛ إذ اتهم الأخير بالتفرد في اتخاذ القرارات وفرض شروط تتعلق بترؤس التحالف دون التشاور مع بقية الأطراف.
ورغم هذه التحديات الداخلية، يرى مقربون من السوداني أن تحركاته "محسوبة".
وقال قيادي في تيار "الفراتين" التابع للسوداني إن "رئيس الوزراء يعتمد في تحركاته السياسية على خطين متوازيين؛ الأول يركز على استقطاب شخصيات جديدة من خارج المنظومة التقليدية، بما يعزز مسار الانفتاح على قوى مدنية ومستقلة، والثاني يقوم على بناء تحالفات مع شخصيات سياسية تمتلك وزناً وثقلاً داخل العملية السياسية".
وأوضح القيادي، الذي تحدث لـ"إرم نيوز" شريطة حجب اسمه، أن "مسألة التطلع إلى ولاية ثانية تبقى طموحاً مشروعاً للسوداني، لكنها في الوقت ذاته تخضع إلى جملة من المحددات الداخلية والإقليمية، لا سيما في ظل التوازنات الدقيقة بين القوى السياسية، وتأثير الفواعل الخارجية التي ترسم غالبًا ملامح المعادلة الحكومية في العراق".
ويستحضر مراقبون تجربة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي رغم نجاحه في تشكيل تحالف انتخابي واسع خلال فترة حكمه، لكنه سرعان ما فقد حلفاءه الأساسيين بعد الانتخابات، بفعل تبدل التحالفات وتقاطع المصالح داخل البيت الشيعي.
وبعد أن خاض انتخابات 2018، مدعوماً من شخصيات وقوى بارزة، وجد العبادي نفسه معزولاً تدريجياً، ما أدى إلى إقصائه عن معادلة رئاسة الحكومة لولاية ثانية، رغم حصوله على نحو 45 مقعدًا نيابيًا.
تمكّن السوداني خلال الفترة الماضية من استقطاب غالبية النواب المستقلين الذين برزوا بعد انتخابات عام 2021، كما أبرم شراكات سياسية واضحة مع بعض المحافظين، أبرزهم محافظ كربلاء نصيف الخطابي، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، ومحافظ واسط محمد جميل المياحي.
كما أسس السوداني تحالفاً سياسياً في محافظة نينوى، يضم 5 نواب من المكون السني، ما يعطي مؤشرًا على رغبته التمدد خارج الإطار الشيعي التقليدي، وبناء جسور تحالفية جديدة قد تُسهم في تعزيز حظوظه بالاستحقاق الانتخابي المقبل.
من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي عماد محمد أن "السوداني يسير فوق خيط رفيع بين طموحه الشخصي في ولاية ثانية، وبين طبيعة النظام السياسي القائم على التحالفات المستعجلة والتوازنات الدقيقة".
وأوضح محمد لـ"إرم نيوز" أن "التحالفات التي يعقدها السوداني مع شخصيات الحشد الشعبي أو مع بعض القيادات المحلية تمنحه قوة ظاهرية، لكنها قد لا تصمد أمام حسابات ما بعد الانتخابات، خاصة مع وجود قوى سياسية منافسة قد تتحالف ضده إذا ما تغيّرت موازين القوى".