logo
العالم العربي
خاص

تحالفات مفاجئة.. المالكي يلعب "ورقة الكرد" للفوز بسباق الحكومة

نوري المالكي ومسعود برزاني المصدر: منصة "إكس"

تشهد بغداد واحدة من أكثر لحظات ما بعد الانتخابات تعقيدًا منذ عام 2010، بعد دخول نوري المالكي السباق إلى رئاسة الحكومة "بشكل مفاجئ لكن محسوب".

وفق ما تؤكده مصادر عراقية رفيعة لـ"إرم نيوز"، فإن العودة ليست رمزية، بل عملية وميدانية، وتستند إلى خطة أعدها المالكي منذ أشهر لإعادة تثبيت موقعه كـ"رقم صعب" داخل الإطار التنسيقي، بعد أن قرر استثمار "الورقة الكردية" لبلوغ أهدافه، عبر إعادة بناء جسور مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني. 

تحركات "هادئة وعميقة"

يقول مصدر في الإطار التنسيقي، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ "إرم نيوز"، إن المالكي استبق إعلان ترشيحه بتحركات "هادئة وعميقة" في الجنوب والوسط، هدفت إلى قياس المزاج الشيعي تجاه عودته، قبل أن يحصل على تفويض من مجلس شورى حزب الدعوة لتقديم اسمه رسميًا.

أخبار ذات علاقة

رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق

ترشيح المالكي لرئاسة وزراء العراق.. خطوة جدية أم "وصفة" لإبعاد السوداني؟‎

وعلى الرغم من أن الإعلان بدا "مفاجئًا"، يكشف المصدر أن المالكي كان يرتب لخطوة ترشيحه منذ بداية العام، عبر شبكة مستشارين تعمل على خطين؛ إعادة تأهيل علاقاته العربية، وترميم موقعه داخل الإطار.

في المقابل، تسببت عودته في اهتزاز التفاهمات الهشة داخل الإطار التنسيقي، بين جناح يريد الدفع باتجاه تغيير القيادة والابتعاد عن السوداني، وآخر يخشى أن يؤدي ترشيح المالكي إلى "انفجار داخلي" يعيد مشهد الانقسام الشيعي الذي سبق انتخابات 2021.

ويشير المصدر في الإطار التنسيقي، إلى أن أربعة قياديين شيعة أبلغوا المالكي تحفظاتهم المباشرة، محذرين من أن "الطريق إلى المنصب الأول مُفخخ بتقاطعات إقليمية ودولية".

رسائل أمريكية صارمة

وفق معلومات خاصة حصل عليها "إرم نيوز"، فإن واشنطن بعثت خلال الأيام الماضية برسالة مباشرة إلى الإطار التنسيقي عبر إحدى بعثاتها الدبلوماسية في المنطقة، تؤكد فيها أن "عودة المالكي إلى رئاسة الحكومة ستُقرأ كتعزيز للفصائل المسلحة، وبداية مرحلة صدام سياسي واقتصادي مع المجتمع الدولي".

وتضيف المصادر أن الرسالة حملت "تحذيرًا واضحًا" من أن حكومة يرأسها المالكي ستواجه "تعقيدات خطيرة" في مجالات التسليح والتعامل المالي والاستثمارات، خاصة مع البنك الدولي وواشنطن.

في المقابل، يصف المصدر في "الإطار" الموقف الإيراني بأنه "تحفظ صامت"؛ فطهران لا ترفض المالكي لكنها لا تشجعه، وتخشى – وفق المصادر – أن يؤدي فرضه مرشحًا وحيدًا إلى انقسام شيعي يضر بحساباتها في العراق أكثر مما يفيدها.

ويضيف: بات واضحًا أن الإيرانيين يفضلون "هدوء البيت الشيعي" على شخصية تثير حساسية داخل الإطار، خاصة مع صعود أجنحة جديدة كقيادة منظمة بدر وبعض الفصائل التي تخشى أن يستعيد المالكي نفوذه القديم.

وتؤكد مصادر مطلعة أن وفدًا إيرانيًا أبلغ قيادات في الإطار بأن "الأولوية هي منع أي انقسام"، وأن طهران "لن تتدخل لصالح أي مرشح"، وهو كلام فُهم ضمنيًا على أنه عدم دعم لعودة المالكي، دون أن يصل إلى مستوى الرفض.

في هذه الأجواء، يبدو أن المالكي يحاول تعويض هذا الفتور الإقليمي عبر تحالفات داخلية جديدة، وعلى رأسها التقارب اللافت مع مسعود بارزاني. حيث تشير المصادر إلى أن المالكي قدم لبارزاني "عرضًا سياسيًا كاملًا" يشمل دعم تولي "الديمقراطي" منصب رئاسة الجمهورية، وتوسيع حصة الإقليم في الموازنة، مقابل مساندة صعوده إلى رئاسة الوزراء، وهو ما وصفته المصادر بأنه "أعلى سقف يعرضه المالكي منذ 2014". 

أخبار ذات علاقة

مارك سافايا ومحمد شياع السوداني

معركة تشكيل الحكومة العراقية.. واشنطن تضغط لتحييد النفوذ الإيراني

السوداني يتراجع والإطار يتشظّى

رغم أن محمد شياع السوداني يمتلك أكبر كتلة داخل الإطار، فإن حظوظه – وفق مراقبين – تتراجع كلما ارتفع ضغط جناح المالكي.

وتكشف مصادر "إرم نيوز" أن ثلاثة قياديين بارزين داخل الإطار أبلغوا السوداني بأن "بقاءه مرشحًا يحتاج إلى توافق كردي – سني لم يحصل بعد، وإلى مباركة إيرانية غير مرجحة".

وإضافة إلى ذلك، يشعر السوداني – وفق مقربين منه – بأن "حملة منظمة" تُدار ضده داخل الإطار، هدفها إظهاره عاجزًا عن إدارة المرحلة المقبلة، رغم نجاحه في تثبيت استقرار نسبي خلال السنة الأخيرة.

يُضاف إلى ذلك أن المشهد الشيعي يعيش حالة منافسة مكتومة بين خمسة أسماء يجري التداول بها داخل اللجان التفاوضية، من بينها أسماء تُطرح للمرة الأولى كمخارج وسطية، في حال فشل الإطار في الاتفاق على المالكي أو السوداني.

أما القوى السنيّة، فتبدو – بحسب المصادر – أقرب إلى دعم السوداني لأنها تعتبره "شريكًا يمكن التفاهم معه"، بينما يثير المالكي "حساسية" لدى بعضها؛ بسبب إرث حكومته السابقة.

فيما تنقسم القوى الكردية، بين الحزب الديمقراطي الميال إلى تجربة التحالف مع المالكي، والاتحاد الوطني الذي لا يزال يفضل العمل مع السوداني أو أي شخصية توافقية غير خلافية.

أكثر من سيناريو

في ظل هذه التعقيدات، تبدو مهمة الإطار في اختيار مرشح واحد بالغة الصعوبة. فاللجان التفاوضية – التي تضم المالكي والعامري والفياض وغيرهم – تعمل حاليًا على خطين متوازيين؛ الأول دراسة مواصفات رئيس الوزراء الجديد، والثاني اختبار قدرة كل مرشح على ضمان دعم الكرد والسنّة دون إحداث شروخ داخل البيت الشيعي.

وتشير المعطيات إلى أن المالكي يمتلك الزخم الأقوى داخل الإطار، لكنه يواجه "جدارين كبيرين"؛ الرفض الأمريكي، والتحفظ الإيراني. أما السوداني فيمتلك "شرعية الإنجاز النسبي"، لكنه يفتقر إلى الإجماع داخل الإطار. وبين الاثنين، تبرز أسماء أخرى كحلول وسط، ما يجعل المشهد مفتوحًا على أكثر من سيناريو. 

أخبار ذات علاقة

السوداني يلتقي وفد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني

انقسام سياسي حول السوداني وتوافق على تسريع تشكيل حكومة العراق الجديدة

المصدر في الإطار التنسيقي يلخص المشهد لـ"إرم نيوز" بالقول: "عودة المالكي جدية، لكن الطريق ليست سالكة. فواشنطن لا تريده، وطهران لا تراهن عليه، والإطار منقسم، أما الكرد والسنّة فيرفعون سقف شروطهم". ويختم بالقول: "نحن أمام مفاوضات قد تطول أكثر مما يتوقع الجميع".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC