الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
بعد أكثر من عامين من القطيعة، استعادت الخطوط الجوية التركية مسارها نحو مطار السليمانية الدولي في العراق، معلنة عودة الرحلات المنتظمة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، بواقع أربع إلى خمس رحلات أسبوعياً، وفق ما أكدته إدارة المطار.
ويُنظر إلى القرار بوصفه خطوة سياسية واقتصادية متقدمة تأتي في أعقاب رفع الحظر الجوي التركي عن المطار منتصف تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بعد مفاوضات مكثفة بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان، في ظل متغيرات أمنية وإقليمية أبرزها إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإنهاء الكفاح المسلح ضد تركيا.
ويرى مختصون أن استئناف الرحلات بين إسطنبول والسليمانية يفتح مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي والسياسي بعد سنوات من التوتر؛ إذ ترافق القرار التركي مع إزالة إشعار التنبيه الجوي (NOTAM) الذي كان يمنع الطائرات من دخول الأجواء التركية منذ نيسان/أبريل 2023، حين اتهمت أنقرة سلطات الاتحاد الوطني الكردستاني بالتقاعس عن ضبط نشاط حزب العمال الكردستاني في مناطق نفوذها.
وخلال فترة الإغلاق، تكبد مطار السليمانية خسائر مالية كبيرة، فيما تعطلت حركة آلاف المسافرين بين كردستان وتركيا وأوروبا، في ظل اعتماد الإقليم على هذين المسارين الجويين في التبادل التجاري والسياحي.
دفعة للواقع السياحي
بدوره، أوضح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي أن "القرار الأخير للسلطات التركية برفع الحظر عن مطار السليمانية الدولي يمثل خطوة إيجابية ستركز بصورة كبيرة على الواقع السياحي والتجاري والاقتصادي".
وأضاف الهركي لـ"إرم نيوز" أن "الخطوة ستسهم أيضاً في عودة العلاقات بين تركيا والسليمانية، خصوصاً بعد القرار الحكومي بتحويل اسم المطار إلى مطار الزعيم الراحل جلال الطالباني، في بادرة رمزية تعزز مكانته في الساحة الكردية والعراقية".
وأشار إلى أن "الاتحاد الوطني الكردستاني يسعى لأن تكون علاقاته طبيعية مع كل دول الجوار، وخاصة تركيا التي أغلق مكتبنا فيها قبل أعوام، ونأمل أن يمهد هذا التطور لعودة تلك العلاقات إلى مسارها الطبيعي".
مرحلة ما بعد العمال الكردستاني
وتاريخياً، شكلت العلاقة بين تركيا والاتحاد الوطني الكردستاني أحد أكثر ملفات الإقليم حساسية؛ إذ اتهمت أنقرة السليمانية مراراً بأنها تتيح مجالاً لحركة عناصر حزب العمال الكردستاني داخل أراضيها؛ ما أدى إلى سلسلة من القيود الدبلوماسية والتجارية، وصولاً إلى قرار تعليق الرحلات الجوية عام 2023.
لكن التطورات الأخيرة، وخاصة إعلان الحزب حل نفسه وتسليم سلاحه، خفّفت حدة التوتر، وفتحت نافذة لتفاهمات أمنية جديدة بين بغداد وأنقرة وأربيل.
من جهته، أوضح الباحث في الشأن السياسي محمد التميمي أن "استئناف الرحلات التركية إلى السليمانية يقرأ في سياق تفاهمات ما بعد حل حزب العمال الكردستاني؛ إذ تسعى تركيا إلى تثبيت مرحلة جديدة من التعاون مع الأطراف الكردية بعد إنهاء النزاع المسلح".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "أنقرة تحاول من خلال هذه الخطوة إرسال رسائل طمأنة مفادها أنها مستعدة لتطبيع العلاقات مع جميع القوى الكردية، شريطة أن تغلق ملفات الدعم اللوجستي للحزب نهائياً، وهو ما تم التفاهم عليه خلال الأسابيع الماضية عبر قنوات أمنية ودبلوماسية".
بوادر سلام إقليمي
ووفق مصادر متابعة، فإن التفاهمات الأمنية التي رافقت إعلان حل حزب العمال الكردستاني تضمنت ضمانات عراقية وتركية مشتركة، تقضي بإنهاء وجود الحزب المسلح في شمال العراق، مقابل فتح قنوات تعاون جديدة في مجالات الاستثمار والطاقة والنقل الجوي.
وتشير المعطيات إلى أن القرار التركي برفع الحظر عن مطار السليمانية لم يكن معزولاً عن هذا المسار، بل جاء كإجراء متدرج ضمن إعادة تموضع العلاقات الإقليمية، خصوصاً أن السليمانية تمثل ثقلاً سياسياً للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يسعى لتأكيد حضوره في أي تسوية مقبلة تخص أكراد العراق وتركيا على حد سواء.
واقتصادياً، من المتوقع أن يعيد فتح المطار نشاط قطاعات النقل والسياحة والخدمات، ويسهم في تحفيز الحركة التجارية بين العراق وتركيا.
بدوره، رأى الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن إن "إلغاء الحظر الجوي التركي وعودة الرحلات المنتظمة إلى السليمانية سيمثلان دفعة قوية للاقتصاد المحلي".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المطار يشكل منفذاً مهماً للربط بين كردستان والعالم، وإعادة تشغيله ستنعكس إيجاباً على مجالات النقل الجوي والسياحة والاستثمار، كما ستُسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز إيرادات الخدمات اللوجستية".
وأشار حسن إلى أن "الخطوة تعيد الثقة بالتعاون الاقتصادي بين تركيا والعراق، وتفتح الباب أمام مرحلة أكثر استقراراً في العلاقات التجارية بعد فترة من الانكماش والتوتر".
وتشير التقديرات إلى أن استئناف خمس رحلات أسبوعياً قد يولّد عائدات مباشرة تتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين دولار سنوياً من رسوم الهبوط والمغادرة والمناولة، فضلاً عن عوائد غير مباشرة في الأسواق المحلية والفنادق والمطاعم.