الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
وصلت عملية السلام الجارية في تركيا بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني إلى مرحلة حساسة تتجاوز عملية النقاشات العامة غير الملزمة التي استمرت شهرًا، وشاركت فيها العديد من الأطراف الحكومية والمدنية، حيث كشف عن رسالة جديدة لعبدالله أوجلان تتعلق بعملية السلام.
إذ يتوجب على لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية" التي شكّلها البرلمان التركي في 5 آب/أغسطس الماضي، من ممثلين عن الأحزاب السياسية في البرلمان، وضع الأساس القانوني لحلّ حزب العمال الكردستاني، ونزع أسلحته.
ويتعلق ذلك الأساس القانوني بقضايا جوهرية في العملية الجارية، وبينها مصير قادة الحزب، وعناصره العسكريين والمدنيين، ومن منهم سيحظى بعفو ويمكنه العودة والاندماج في تركيا، بالإضافة لمصير أوجلان ذاته، والذي يعد رمزًا لأنصاره، وما إذا كان سيظل سجينًا أم سيفرج عنه.
رسالة جديدة من أوجلان
كشف حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب القريب من الأكراد في تركيا، عن رسالة جديدة لعبدالله أوجلان تتعلق بعملية السلام الجارية، حيث يعد الحزب وسيطًا بين الزعيم الكردي في سجنه بجزيرة "إيمرالي" غرب تركيا، ولجنة السلام.
وبات أوجلان، الطرف الآخر لعملية السلام عندما استجاب لدعوة زعيم حزب الحركة القومية التركي، دولت بهتشلي، لمبادرة "تركيا خالية من الإرهاب" التي أطلقها في تشرين الأول/أكتوبر 2024، ليدعو أوجلان حزبه في 27 شباط/ فبراير الماضي لإلقاء السلاح وحل الحزب.
وقال أوجلان في رسالته الجديدة التي نشرها الحزب في صيغة بيان، "إننا نتمسك ببياننا الصادر في بيان 27 فبراير/شباط بأن تطور العملية يعتمد على المتطلبات السياسية والقانونية"، مؤكداً أنه في هذه المرحلة من المهم للغاية تحديد المتطلبات القانونية وتنفيذها بمنظور صحيح وشامل.
وأضاف أوجلان "إن أحد أهم نماذج الحلول التي طورتها الحضارة بعد ثلاثة قرون من الصراعات المدمرة والخسائر الفادحة التي خلفتها الحروب العالمية هو الديمقراطية التداولية".
وأوضح "ينبغي اتخاذ الأساليب والآليات التي تُشكل جوهرها أساسًا لحل العديد من المشكلات التي تواجهها تركيا داخليًا وخارجيًا"، واقترح أن تسود الديمقراطية التداولية في جميع العلاقات السياسية والاجتماعية.
خلاف بارز
تعكس رسالة أوجلان في جانب منها خلافاً متوقعاً حول مراحل عملية السلام التي تطلق عليها أنقرة اسم "تركيا خالية من الإرهاب"، إذ يؤكد تفسيرات سابقة للعديد من المحللين السياسيين، حول كون إلقاء السلاح خطوة متزامنة وليست سابقة لإقرار قوانين وتشريعات تتعلق بالعملية الجارية.
كما يعكس مفهوم الديمقراطية التداولية التي دعا إليها أوجلان، رغبته بمزيد من النقاشات وتوسيعها بعدما عقدت لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية" نقاشات استمرت شهراً كاملاً مع منظمات مجتمع مدني ضمت عائلات ضحايا الصراع وخبراء قانونيين وسياسيين وأكاديميين متخصصين في حل النزاعات الدولية.
وقد يؤدي التوسع في النقاشات ليشمل شرائح أخرى في إبطاء مسار العملية الجارية، كما قد يثير خلافات حول ترتيب الخطوات والقوانين والتشريعات الواجب إقرارها قبل إكمال حزب العمال إلقاء كامل سلاحه وتسليم مقراته في منطقة الحدود العراقية الإيرانية.
ورقة رابحة
تتزامن تلك التطورات في عملية السلام، مع إمكانية الإفراج عن السياسي الكردي البارز، صلاح الدين ديميرتاش، والمسجون منذ 2016 بتهم تتعلق بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة تنظيماً "إرهابياً".
ويحظى ديميرتاش بمكانة كبيرة بين الأكراد في تركيا وعند اعتقاله، كان يشغل منصب الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، المنحل حاليا، والذي حصل على 13% من الأصوات في انتخابات عام 2015، وصار أول حزب كردي يدخل البرلمان في تاريخ تركيا.
ومن المقرر أن تعقد محكمة الاستئناف في أنقرة، الأربعاء المقبل، جلسة استماع للنظر في طلب محاميه، والذين قدموا استئنافاً إلى المحكمة استناداً إلى قرارات سابقة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن انتهاك الحقوق القانونية لموكلهم وضرورة إطلاق سراحه على الفور.
ويأمل كثير من أنصار ديميرتاش أن تنتهي الجلسة بقرار الإفراج عن السياسي الكردي الذي تعول عليه كثير من الدراسات السياسية والمحللين المتخصصين بالنزاع بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، في إنجاح عملية السلام الجارية وتجاوز عقباتها.
مسار طويل
يعد مفهوم الديمقراطية التداولية التي دعا أوجلان لاتباعها في العملية الجارية بين أنقرة وحزبه، مؤشراً على أن مزيداً من النقاشات ستشهدها تركيا، بحيث تطال شرائح أخرى ونقاشات أوسع في المجتمع التركي من أقل من مئة شخص التقت بهم لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية" في اجتماعاتها الماضية.
والديمقراطية التداولية هي نموذج حديث للديمقراطية يقوم على الحوار والنقاش العام قبل اتخاذ القرار، حيث يُنظر إلى تبادل الآراء والحجج بين المواطنين باعتباره أساساً للوصول إلى قرارات أكثر عدلاً ووعياً، بدلاً من الاكتفاء بحكم الأغلبية أو نتائج التصويت.
وبينما ستطيل تلك النقاشات من مسار العملية ومراحلها، فإن إقرار قوانين جديدة تتعلق بها قد يتطلب تشريعات جديدة ليس من الممكن قانونياً سنها دون إجراء تعديل دستوري أو حتى إقرار دستور جديد للبلاد، بما يتطلبه ذلك من إجماع وأغلبية برلمانية واستفتاء شعبي.
ويطالب حزب العدالة والتنمية الحاكم، بالفعل، بإقرار دستور جديد للبلاد خلال الدورة البرلمانية الجارية التي بدأت أعمالها مطلع الشهر الجاري بعد انتهاء عطلة الصيف، وأمام النواب قضيتان رئيسيتان، هما عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني وإقرار دستور جديد.