الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرتين مسيّرتيْن تم إطلاقهما من اليمن
مع دخول إسرائيل على خط الأزمة في السويداء، تنتقل المواجهات في المحافظة السورية الدرزية، التي حصدت نحو مئة قتيل، إلى مرحلة مختلفة عنوانها: التصعيد والانقسام.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه بدأ بشن ضربات ضد القوات الحكومية في السويداء بجنوب سوريا، بعد إيعاز رسمي بهذا الشأن من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويرى خبراء أن الهدف المعلن لإسرائيل هو حماية الدروز، إذ تربط تل أبيب بين الدروز السوريين ودروزها في الداخل، وتبرر الضربات بمنع "الإساءة" لهم.
وتعكس العلاقة بين أبناء الطائفة على طرفي الحدود نموذجًا معقدًا للعلاقة العابرة للأوطان بين الأقليات، ذلك أن إسرائيل في الأدبيات الرسمية هي "عدوة"، وتحتل هضبة الجولان السورية، وبالتالي فإن تدخلها بذريعة "حماية الدروز" يفاقم الأوضاع بدلًا من تهدئتها.
ويستدرك الخبراء بأن الهدف الرئيس لإسرائيل ليس حماية الدروز، فهي تدرك حساسية أي تحرك عسكري من قبلها في الداخل السوري، وتعلم أن ذلك سيثير انقسامات، وقد يؤجج النقمة ضد الطائفة.
ووفقًا لذلك، يرجح الخبراء أن هدف إسرائيل من هذا التدخل، الذي أعقب بالضبط وصول تعزيزات عسكرية حكومية إلى المحافظة، هو ترجمة للفهم الإسرائيلي بضرورة ضرب القوى العسكرية الحكومية في جنوب سوريا حال قربها من حدودها.
وتعمل حكومة تل أبيب منذ سقوط نظام الأسد على فرض منطق "المنطقة المنزوعة السلاح" جنوب سوريا، في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، وهذا ما يفسر، بحسب خبراء، مبادرتها السريعة إلى ضرب القوات الحكومية حالما استشعرت تهديدًا على حدودها الشمالية.
ورغم الحديث المتواتر عن احتمالات التطبيع بين دمشق وتل أبيب، غير أن هذا المسار يبدو متعذرًا في ظل التباين الشاسع في مواقف الطرفين.
ومن الواضح، وفق تحليل الخبراء، أن تل أبيب تطبق سياسة مزدوجة حيال دمشق، فهي من جهة تجس النبض وتحاول التقرب من السلطات الجديدة عبر واشنطن، طمعًا في تطبيع صعب المنال، لكنها وفي الآن ذاته لا تبدي رضا تامًا نحو الحكم الجديد بوصفه نظامًا إسلاميًا "متشددًا"، وهي التي عانت من حركات التشدد وعلى رأسها حماس.
ومن هنا، يرى خبراء أن أحد الأهداف الإسرائيلية من التدخل هو التشويش على الحكم الجديد، وخلط الأوراق لـ"منع" إقامة خلافة إسلامية على شواطئ المتوسط"، كما صرح أكثر من مسؤول إسرائيلي في تصريحات سابقة.
وفي ظل هذه الأهداف الإسرائيلية الخفية والمعلنة، فإن تدخلها عسكريًا في السويداء من شأنه إثارة الانقسامات ضمن المجتمع الدرزي ذاته، فثمة قسم يجهر بالحماية الدولية، فيما ثمة قسم آخر يرى الحل في دمشق، ويرى أن تل أبيب تحاول استغلال قضيتهم، ولعل هذا ما عبر عنه الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط الذي عارض صراحة أي تدخل إسرائيلي.
ورغم ذلك، يحذر خبراء من أن التحفظ الذي أبداه النسبة الغالبة من الدروز حيال أي تدخل إسرائيلي في سوريا لحمايتهم قد يتغير، بالنظر إلى ما يتعرضون له من تهديد في مناطقهم، وهو ما قد يفتح الباب واسعًا أمام احتمال نشوب حرب أهلية ذات طابع طائفي.
وتتمتع الطائفة الدرزية بخصوصية دينية واجتماعية تدفعها إلى الحذر من الانخراط في ألاعيب السياسة، وهو ما يفسر مواقفها المحايدة إلى حد بعيد، خلال سنوات الأزمة السورية، وكذلك تحفظها في الترحيب بالحكم السوري الجديد، الذي يغلب عليه نوع من التشدد الإسلامي، بحسب بعض النخب من أبناء الطائفة.
ويبلغ عدد الدروز في سوريا، والذين يتركزون في محافظة السويداء، جنوبي البلاد، نحو 700 ألف، بينما يبلغ تعدادهم في إسرائيل نحو 150 ألفًا، يتركزون في مناطق مثل الجليل والكرمل.
ونشأت الطائفة الدرزية، أحد المذاهب الإسلامية، في بدايات القرن 11 الميلادي في عهد الدولة الفاطمية في مصر، وانتشرت لاحقًا في بلاد الشام في كل من لبنان، وسوريا، وفلسطين، وجزء صغير في الأردن، واستقر معظمهم في المناطق الجبلية الصعبة والوعرة جغرافيًا، خشية على هويتهم كأقلية.
وتتميز العلاقة بين دروز سوريا وإسرائيل بطابع خاص، فقبل تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، لم تكن هناك حدود سياسية تفصل بين دروز جبل العرب في سوريا ودروز الجليل والكرمل في فلسطين التاريخية، إذ كانت تربطهم علاقات قرابة، وعشائر.
لكن هذا الواقع تغير جذريًا مع تأسيس إسرائيل، إذ تفرقت الطائفة على جانبي الحدود.
ويحذر خبراء من أن التوترات الأخيرة، قد تغير هذا الواقع، وتدفع الدروز على جانبي الحدود إلى إحياء الروابط الروحية والتكاتف من أجل منع التهديدات التي قد تقوض خصوصيتهم الدينية والاجتماعية.