رأى خبراء أن تكثيف إسرائيل لهجماتها على السويداء السورية قد يسهم في مضاعفة تعقيدات المشهد بين دمشق وتل أبيب، بعد أن وجهت الأخيرة ما وصفوه بــ"الرسالة النارية" للرئيس أحمد الشرع بشأن مباحثات التطبيع.
وبعد ساعات قليلة من اشتباكات دامية بدأت أمس الاثنين في السويداء جنوب سوريا، بين الميليشيات والعشائر المحلية، قصف الطيران الإسرائيلي قوات أمن سورية كانت تتحرك باتجاه المدينة الدرزية.
وعلى الفور، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، في بيان أن الجيش "هاجم أهدافًا في سوريا كرسالة وتحذير واضح للنظام السوري"، مشددًا على أن تل أبيب "لن تسمح بإلحاق الأذى بالدروز في سوريا".
وبينما دأبت إسرائيل على التدخل في سوريا حماية للدروز في حوادث سابقة، منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، إلا أن تدخلها هذه المرة يأتي بعد "اختراق" كبير في الاتصالات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة السورية الجديدة.
والأسبوع الماضي، عُقدت لقاءات إسرائيلية سورية على مستوى أمني عال في أذربيجان، أثناء زيارة الحاكم الجديد لدمشق، أحمد الشرع، فيما ذكرت تقارير صحفية عن قرب عقد لقاء على مستوى وزيري خارجية البلدين.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي، رجا طالب، أن التدخل الإسرائيلي لصالح الطائفة الدرزية "مختلف هذه المرة" من حيث النتائج السلبية التي يمكن أن تتأثر بها المباحثات المتقدمة بين دمشق وتل أبيب.
ويقول رجا طلب في تصريح لـ "إرم نيوز" إن القصف الإسرائيلي لقوات الأمن السورية، "رغم كل المبررات الإسرائيلية" فإنه سيضاعف من تعقيدات المشهد بين العاصمتين اللتين كانتا قطعتا شوطًا كبيرًا نحو التطبيع أو التفاهم الأمني على الأقل، وفق قراءته.
ويعتقد رجا طلب أن "أي اتفاقيات أمنية تم التوافق عليها، أصبح من الصعب الآن إقرارها"، كاشفًا عن أن العملية الإسرائيلية الأخيرة قد تلقي بظلالها على اللقاء الذي رجّحت تقارير إعلامية عقده بين الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، وبرعاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في سبتمبر/ أيلول القادم.
ويخلُص إلى أن "العلاقات في الأساس بين دمشق وتل أبيب، ليست قائمة على ثقة أو نوع من المصالح"، لافتًا إلى أن الإدارة السورية كانت مضطرة لهذا التقارب لوقف "التمدد الأمني الإسرائيلي" في الجنوب. ويرى أن التدخل الإسرائيلي الأخير قد يدفع نحو ظهور أصوات معارضة داخل الإدارة السورية لأي اتفاق أو"اتفاقيات" مع تل أبيب.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي، نضال السبع، أن التدخل الإسرائيلي في السويداء جاء هذه المرة "من منظور يتعلق بالأمن لدى تل أبيب"، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي رسم "خطوطًا حمراء" في الجنوب السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفق قوله.
ويضيف نضال السبع في تصريح لـ "إرم نيوز" بأن إسرائيل في تدخلها الأخير كانت تحافظ على خطوطها الحمراء، مستبعدًا أن يكون لهذا التدخل "تأثير سلبي كبير" على المباحثات الأمنية بين تل أبيب ودمشق.
ويعتقد أن هناك تفويضًا أمريكيًّا وغربيًّا للشرع لاستعادة كل المناطق الخارجة عن سيطرة الإدارة السورية الجديدة، بما في ذلك السويداء وشرق الفرات، خصوصًا أن هناك "تحولًا دوليًّا" ضد دعوات الانفصال للأقليات السورية، وفق قوله.
كذلك يرى الخبير العسكري، أحمد رحال، في تصريح لـ "إرم نيوز" أن التدخل الإسرائيلي كان لـ "إثبات الوجود" فقط، وأنه ليس مرشحًا للتصعيد أكثر، مشددًا على أن هناك دعمًا أمريكيًّا وغربيًّا للإدارة السورية لبسط سيطرتها على كل البلاد، على حد قوله.