تتسارع التطورات في محافظة السويداء جنوبي سوريا بعد يومين من المعارك العنيفة التي بدأت كاشتباكات بين الفصائل الدرزية وقوات تابعة للعشائر مدعومة بفصائل من عدة محافظات سورية، ومن ثم دخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع السوريتين لتثبيت الهدوء واستعادة الأمن.
واليوم، تتباين المعلومات حول الواقع على الأرض، بين التصريحات الصادرة عن الحكومة السورية ممثلة بوزارتي الدفاع والداخلية، وبين مصادر أهلية وإعلامية متابعة للوضع في السويداء.
فبينما تؤكد المصادر في دمشق بدء دخول القوات الحكومية إلى مركز مدينة السويداء، عقب بيان للرئاسة الروحية للموحدين الدروز يرحب بدخول القوات الحكومية إلى المدينة، تنفي مصادر داخل السويداء لـ "إرم نيوز" أي دخول لقوات الحكومة، متوعدةً هذه القوات بمعارك شرسة؛ ما يؤشر إلى أن المدينة ذاهبة إلى "حمّام" دم، وخاصة بعد خروج الشيخ حكمت الهجري في فيديو مسجل يتنصل فيه من بيان سابق له دعا خلاله إلى وقف إطلاق النار والترحيب بدخول قوات دمشق للسويداء، داعيا في البيان الجديد إلى مقاومة القوات الحكومية، طالبا المؤازرة من دروز المنطقة.
ما حقيقة الأوضاع على الأرض؟
تقول مصادر ميدانية في السويداء إن المحافظة تعيش أصعب مرحلة في تاريخها الحديث، نتيجة الهجوم العسكري الذي تتعرض له العديد من المناطق منذ يوم أمس، وسط مخاوف من تصاعد الأزمة الإنسانية، ودعوات لحلول توقف فاتورة الدم.
وتشهد المحافظة هجوماً واسعاً من قوات حكومية، واشتباكات مع فصائل ومجموعات محلية، وسط نزوح آلاف العائلات باتجاه مناطق أكثر آمناً في عمق المحافظة، ومخاوف من اتساع رقعة الاشتباكات بعد اقترابها من مدينة السويداء، التي شهدت سقوط قذائف صاروخية على الأحياء المدنية.
وتذكر المصادر في حديثها لـ "إرم نيوز" أن الهجوم الذي أطلقته قوات من وزارتي الدفاع والداخلية، تركّز من محورين رئيسين، بصر الحرير - تعارة، وأم ولد - كناكر، حيث توغلت القوات عبر هذين المحورين خلال ساعات الفجر الأولى، تدعمها دبابات ومصفحات وبتغطية من طائرات مسيرة ورشاشات ثقيلة.
وبدأ التوغل العسكري بهجوم مباغت باتجاه قرية تعارة، رغم إعلان وزارة الدفاع إرسال قواتها لفض النزاع، وفقا للمصادر. وجوبه بمقاومة من المجموعات المحلية والأهالي؛ إذ اندلعت اشتباكات عنيفة تخللتها عمليات قصف، ما تسبب بعشرات الضحايا والمصابين، وكان من ضمنهم مدنيون.
القوات العسكرية المهاجمة تقدمت من قرية تعارة باتجاه الدور والمزرعة، ثم سيطرت على قرية ولغا، وسط اشتباكات عنيفة حصلت في جميع المناطق التي جرى التقدم من خلالها. أما على المحور الثاني، من اتجاه كناكر، فقد شهد مواجهات عنيفة لا تزال مستمرة حتى الآن.
بالتزامن مع ذلك فتحت القوات المهاجمة محاور إشغال من عدة نقاط أخرى، منها المجيمر، لبين، حران، حزم، ونقاط أخرى شهدت اشتباكات وعمليات كرٍ وفر، وسط قصف بقذائف الهاون والمدفعية.
أسرى وقتلى وعمليات نهب
مصادر أهلية أشارت إلى حصول عمليات نهب وسلب واسعة، وأيضا جرى إحراق للممتلكات والبيوت في القرى التي اقتحمتها القوات العسكرية. وقد انتشرت مشاهد فيديو سجّلها عناصر عسكريون خلال عمليات النهب، ومشاهد أخرى لإهانات وإذلال للمدنيين، وسط أنباء عن اعتقال عدد من السكان، وعن أسرى من المقاتلين المحليين.
كما انتشرت مشاهد أخرى تُظهر عناصراً تابعين لوزارة الدفاع وقعوا في الأسر لدى المجموعات المحلية، إضافة إلى آليات عسكرية تم الاستيلاء عليها أو تدميرها، وجثامين، وسط عنف متصاعد تشهده مختلف الجبهات.
وأفادت المصادر أن عدد الضحايا منذ اندلاع حالة العنف أول أمس في محيط حي المقوس وما تبعها من تطورات يوم الاثنين، بلغت حوالي 53 حالة بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى أكثر من 200 مصاب توزعوا على مشافي المحافظة. وأشارت المصادر إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع باستمرار. فيما تحدثت تقارير وقوع خسائر بشرية ومادية وعشرات الإصابات في صفوف وزارة الدفاع.
التصريحات الرسمية كانت عبر وزارات الداخلية والدفاع والخارجية والإعلام أيضاً، تركّزت فيها السردية الحكومية على أن القوات العسكرية تدخلت لفض النزاع وتعرضت لكمائن، وأن هدفها حالياً "بسط سيطرة المؤسسات".
ورغم توجيه وزير الدفاع، رسالة دعا فيها أفراد الجيش لحماية المواطنين والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة، "من عبث اللصوص وضعاف النفوس"، إلا أن عمليات النهب والسلب وإحراق البيوت في المناطق لم تتوقف حتى هذه الساعة. فيما تخشى المصادر من أن الساعات المقبلة ستشهد فصلا دمويا جديدا سيدفع بالانقسم السوري السوري إلى عتبات جديدة.
شاهدوا أيضاً وثائقي السويداء .. كل ما تريد معرفته عن الدروز وتوجّهاتهم في سوريا
