بدأت تونس العمل بآلية جديدة أقرها دستور البلاد في العام 2022، وهي سحب الوكالة من المسؤولين المنتخبين.
وتنفيذًا لهذه الآلية شهدت معتمدية الشربان من ولاية (محافظة) المهدية تصويتًا على سحب الثقة من نائب في المجلس المحلي.
وصوّت الناخبون المعنيون برفض سحب الوكالة من النائب المعني؛ ما يقود إلى تثبيت عضويته وبقائه حتى نهاية مدته، وذلك بحسب ما كشفت عنه الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في بيان لها.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ البلاد التي يتمّ فيها إقرار هذه الآلية وسط جدل متصاعد بشأن قدرتها على إخضاع النواب والمسؤولين المحليين المنتخبين إلى مساءلة حقيقية.
ويتيح القانون الانتخابي في تونس للناخبين حق سحب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية، وذلك بشروط من بينها "إخلاله بواجب النزاهة، أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النيابية، أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدَّم به عند الترشح".
وعلق المحلل السياسي التونسي، هشام الحاجي، على الأمر بالقول: "نظريًّا عملية سحب الوكالة هي آلية تضمن للناخبين ضمان مراقبة من تولوا انتخابهم وتسهم بالتالي في دفع من يتم انتخابه للعمل من أجل أن يكون في المستوى ووفيًّا للأمانة".
واستدرك الحاجي بالقول في تصريح لـ "إرم نيوز": "لكن تنزيل هذه الآلية في السياق التونسي، ومن خلال التجربة، جعلها تتحول إلى أداة من أدوات الضغط الذي لا يخلو من حسابات ضيقة وذاتية".
وأضاف: "من الصعب التكهن في شأن ما إذا كانت عمليات سحب الوكالة ستتصاعد في المرحلة المقبلة، لكن هذه الآلية ينظر إليها الرأي العام كممارسة غير جدية، ومن الأفضل التخلي عنها في الممارسة السياسية الراهنة".
منذ أشهر تحدّثت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عن مساعٍ من أجل سحب الوكالة من نواب في البرلمان؛ ما أثار خشية من أن تتسبب هذه الآلية في حدوث شغورات أو حالة من عدم الاستقرار في المجلس النيابي.
وذكر المحلل السياسي، صهيب المزريقي، أنّ "عملية سحب الوكالة إجراء دستوري أقره دستور الخامس والعشرين من يوليو / تموز 2022 من أجل ممارسة الفعل الديمقراطي الشعبي المباشر".
وقال المزريقي في تصريح لـ "إرم نيوز": "سحب الوكالة هو إجراء معمول به في أرقى الديمقراطيات التي تعتمد السيادة الشعبية المباشرة بهدف الرقابة على الممثلين وأيضًا بهدف تحفيزهم على العمل أكثر لصالح الموطن والجهة التي يمثلها النواب".
وأكد أنّ "هذه الآلية تجعل المسؤول المنتخب أمام مساءلة شعبية من ناحية الالتزام الشعبي وأيضًا الأهداف والبرامج التي انتخب من أجلها، وهي بعيدة كل البعد عن أشكال التشفّي أو تصفية الحسابات، لذلك فهي أداة ناجعة للممارسة الديمقراطية".