أثار استئناف رئيس البرلمان الليبي، المستشار عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، مساعي تشكيل حكومة موحدة مخاوف بشأن ما إذا كان ذلك سيقود إلى مزيد من الانقسام في البلاد، حيث اعتبر خبراء أن من الضرورة بمكان توحيد المؤسسات قبل الحديث عن الانتخابات وقبول نتائجها.
ويضاف إلى ذلك، بحسب الخبراء، أن "هذا المسار يتم خارج الإطار الذي ترعاه البعثة الأممية، ما يجعله في نظر كثيرين مسارا أحاديا قد لا يحظى بالقبول الدولي أو يلقى الاعتراف اللازم".
وكشف عضو المجلس الأعلى للدولة، نوح المالطي، أن "خالد المشري دعا بصفته رئيسا للمجلس المترشحين لرئاسة الحكومة إلى اجتماع تشاوري الأحد القادم، وقال إن المرشح الذي لا يستطيع الحضور إلى مقر المجلس بطرابلس مدعو إلى تكليف مندوب عنه لحضور الاجتماع".
وقال المالطي إنه "يجب على كل مترشح الحصول على 10 تزكيات من أعضاء مجلس الدولة للاستمرار في سباق المنافسة على منصب رئيس الحكومة الموحدة".
وتأتي هذه التطورات بعد أن تلقى المشري نسخة من تزكيات بعض أعضاء المجلس الأعلى للمرشحين لرئاسة مجلس الوزراء.
وعلق النائب البرلماني، عبد المنعم العرفي، على الأمر بالقول: "استأنف البرلمان والمجلس الأعلى للدولة مساعي تشكيل حكومة جديدة بعد لقاء بين المشري وعقيلة صالح للمضي قدماً نحو تشكيل هذه الحكومة بدعم من البعثة الأممية".
وأكد العرفي في تصريح لـ"إرم نيوز" أهمية توحيد المؤسسات قبل الحديث عن انتخابات وقبول نتائجها.
وقال إن "فرص النجاح في توحيد السلطة التنفيذية في ليبيا تعتمد على الفاعلين على الأرض، خاصة أن العاصمة طرابلس بها ميليشيات وعصابات إجرامية".
وشدد على أن "كل هذا يحتاج إلى تسوية قبل الحديث عن مكان السلطة التنفيذية الذي لا أعتقد أنه سيكون في طرابلس، بل سيكون في مدينة سرت".
وتكشف دعوة المشري للمترشحين لرئاسة الحكومة إلى اجتماع تشاوري واشتراط حصولهم على عشر تزكيات من أعضاء المجلس عن عودة حذرة لمسار تشكيل حكومة بديلة لحكومة عبد الحميد الدبيبة بعد شهور من الجمود.
هذه الدعوة تعكس تفاهما أوليا أو رغبة متبادلة بين شق من مجلس الدولة برئاسة المشري والنواب لإعادة فتح الملف التنفيذي رغم هشاشة المشهد السياسي وعدم استقرار الأرضية التي يتحرك عليها الطرفان.
وتوجد في ليبيا حكومتان متنافستان، الأولى في شرقي البلاد ويرأسها أسامة حماد، والثانية في غربيها بقيادة عبد الحميد الدبيبة، إذ يسعى البرلمان ومجلس الدولة إلى توحيد السلطة التنفيذية.
وقال المحلل السياسي، حسام محمود الفنيش، إن "اللافت في هذا التحرك ليس فقط استئناف الحوار بل استخدام أدوات تقليدية مثيرة للجدل، مثل شرط التزكيات التي قد توظف لتصفية المترشحين أو تمرير مرشح ضمن صفقة مغلقة".
وأضاف: "يأتي ذلك وسط مشهد يتقاسم فيه الجميع الفشل في تقديم حكومة مقبولة داخليا وخارجيا أو خارطة طريق قابلة للتطبيق".
وذكر الفنيش لـ"إرم نيوز" أن "تشكيل حكومة جديدة لا يزال يواجه عقبات كبيرة في ظل الانقسامات داخل مجلس النواب والدولة وهشاشة التوافق في كل منهما، ما يجعل أي اتفاق عرضة للانهيار أمام تحولات المصالح أو الضغوط الإقليمية".
ويضاف إلى ذلك، وفق الفنيش، أن "هذا المسار يتم خارج الإطار الذي ترعاه البعثة الأممية، ما يجعله في نظر كثيرين مسارا أحاديا قد لا يحظى بالقبول الدولي أو يلقى الاعتراف اللازم".
ورأى أنه "في ظل غياب توافق وطني شامل واستمرار السيطرة الميدانية لقوى الأمر الواقع، فإن المراهنة على حكومة جديدة في هذا التوقيت تبدو مخاطرة سياسية"، على حد قوله.
وأشار إلى أنه "حتى لو تم التوافق على اسم جديد فإن السؤال الأهم يبقى: هل يمكنه العمل فعليا من طرابلس دون مصير شبيه بتجربة (رئيس الوزراء السابق فتحي) باشاغا".
وتابع أن "التحركات الدولية الخافتة تشير إلى رغبة في إعادة هندسة المشهد، خاصة مع تصاعد الدعوات لتوحيد السلطة التنفيذية، لكن التناقض في المواقف الإقليمية والدولية لا يزال يشكل عائقا. ولذا فإن أي محاولة لتشكيل حكومة خارج مسار أممي جامع ودون ترتيبات أمنية واضحة ستظل خطوة شكلية وربما مقدمة لأزمة أعمق ما لم ترتبط بمشروع وطني متكامل واضح المهام ومحدد المدى الزمني".