صحة غزة: الهجمات الإسرائيلية في الساعات الـ24 الماضية قتلت 68 شخصا وأصابت 362 آخرين
رأى خبيران في الشأن المغاربي، أن خطوات الجزائر المتصاعدة لتقليص استخدام اللغة الفرنسية في الإدارات الجزائرية والتعليم والإعلام تعكس نزعة سياسية وثقافية جديدة.
وأشارا لـ"إرم نيوز"، إلى أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى فك الارتباط الرمزي والتاريخي مع الاستعمار الفرنسي، بعد مرور أكثر من 6 عقود على الاستقلال.
ويثير قرار السلطات الجزائرية مؤخرًا اعتماد العربية والإنجليزية بدلًا من الفرنسية في المراسلات الرسمية، وفرض استخدام الإنجليزية في التعليم الجامعي تدريجيًا، تساؤلات حول دوافع التحول اللغوي الصارم.
ويأتي هذا التحول الجزائري، بعد أن بقيت اللغة الفرنسية لسنوات تعد "غنيمة الحرب" كما وصفها المفكر الجزائري كاتب ياسين، في إشارة إلى توظيفها كأداة ثقافية وتعليمية.
ورأى الأمين العام لمعهد بحوث السلام في جنيف، وهو الباحث الجزائري الفرنسي هشام لهميسي، أن الجزائر تسعى إلى ما يسميه "تحرير اللسان الوطني من التبعية الثقافية للمستعمر السابق"، مضيفًا أن الإجراءات الأخيرة تمثل جزءًا من "هندسة رمزية جديدة لهوية الدولة الجزائرية ما بعد الحراك".
وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "هناك رغبة واضحة في إعادة تعريف الانتماء الحضاري للدولة، فاللغة الفرنسية لم تعد فقط أداة تعليمية، بل أصبحت رمزًا لتوازنات نخبوية ومصالح طبقية ارتبطت بفترة ما بعد الاستقلال، التخلص منها لا يعني العداء لفرنسا، بل التخلص من إرث استعماري غير متوازن".
وأشار الباحث لهميسي إلى أن الإنجليزية يتم تقديمها كبديل "أكثر نفعية وانفتاحًا على العالم"، مما يمنح الجزائر هامشًا أوسع للتحرك دوليًا خارج عباءة الفرنكوفونية.
من جهته، اعتبر الخبير الفرنسي في السياسات اللغوية المغاربية فيليب توريل، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، أن ما يجري في الجزائر يعكس "تحولًا طويل الأمد كانت باريس تتجاهله".
وبيّن لـ"إرم نيوز"، أن "فرنسا اعتادت التعامل مع الفرنكوفونية كامتداد سياسي وثقافي لنفوذها، لكن الأجيال الجديدة في الجزائر تنظر إلى الفرنسية كلغة فُرضت بقوة، ولا تعكس بالضرورة طموحاتهم أو هويتهم، وبالتالي فإن تراجع استخدامها هو تحرّك سيادي أكثر منه موقفا عدائيا".
وأضاف الخبير توريل أن فرنسا "تواجه صعوبة في تقبّل نهاية عصر الهيمنة الثقافية الناعمة، وهو ما يتطلب منها إعادة تعريف علاقتها بالجزائر بعيدًا عن لغة ماضية".
ولفت إلى أن هناك عدة مؤشرات تشير إلى أن الجزائر لا تسعى فقط إلى استبدال لغة بل إلى إعادة توجيه بوصلتها الجيوسياسية، فتبنّي الإنجليزية يرتبط أيضًا بانفتاح أكبر على الشراكات مع آسيا وأفريقيا الناطقة بالإنجليزية، والحد من الاعتماد على الفضاء الفرنكوفوني.