كشف تقرير نشره موقع "مهاجر نيوز" بنسخته الفرنسية، الجمعة، عن شهادة صادمة لأحد المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إلى ليبيا، وروى جوانب من الفظاعات التي شاهدها من قتل وتهديد وتعذيب.
ونقل التقرير عن كريستيان - وهو شاب كاميروني يبلغ من العمر 37 عاما - قوله إنه أمضى فترة وصفها بأنها رهيبة في ليبيا، مشيرا إلى أن "ما حدث فظيع ولا أتمناه لأي شخص"، مضيفا "أريد أن أقول لمن يرغبون في مغادرة بلدهم أن يدركوا حجم المخاطر التي سيتعرضون لها".
ويروي كريستيان ما قال إنها "رحلة العذاب" إلى ليبيا قائلا: "وصلت إلى ليبيا في 5 يناير/ كانون الثاني 2017 واستغرقت إقامتي في هذا البلد ثلاثة أشهر ونصف شهر، كانت الجحيم، فبمجرد وصولي إلى طرابلس أدركت أن الحياة ستكون صعبة. بعد عبور الصحراء تم إنزالنا في منزل بالعاصمة الليبية حيث كان من المقرر أن يأتي المهربون ويأخذونا".
وأضاف "قبل ركوب سيارة الأجرة للذهاب إلى المخيم، قام وسطاء المهربين بتفتيشنا وأخذوا كل أغراضنا، أموالنا وهواتفنا ومجوهراتنا وجميع الأشياء الثمينة لدينا... جاء المهرب ليأخذنا حوالي الساعة الثانية صباحا حتى لا يتم رصدنا، وكانت الحرب في ذلك الوقت في طرابلس، وكان القتال قريبا منا، وكان السير على الطريق في الليل أقل خطورة".
وتابع "وصلنا إلى معسكر في ضواحي طرابلس، وكان هناك أكثر من 2000 مهاجر في الداخل من بينهم نساء وأطفال وكنا مكدسين فوق بعضنا البعض، وقد استغلنا الرجال الذين احتجزونا وأجبرونا على العمل في مواقع بناء بالقرب من المخيم، وعندما كنا نرتاح لبضع ثوان أو نتحدث فيما بيننا كانوا يجلدوننا، وفي بعض الأحيان يضربوننا لمجرد التسلية".
وأكد كريستيان أن الأشخاص الذين احتجزوهم "قتلوا الناس الذين تمردوا أمام عيني وتوفي بعض المهاجرين نتيجة التعذيب والجلد وتوفي طفل في السادسة من عمره بسبب سوء التغذية بينما كان الرجال الذين احتجزونا يجبرون النساء على اللحاق بهم ويصوبون المسدس إلى وجوههن ويغتصبونهن، فقد تعرضت جميع النساء اللواتي مررن عبر ليبيا للاغتصاب مرة واحدة على الأقل"، وفق شهادته.
ويمضي كريستيان في روايته قائلا "مكثت شهرين في هذا المخيم، وفي أحد الأيام وضعنا الحراس في سيارات لنقلنا إلى معسكر آخر لأن المنطقة أصبحت خطيرة للغاية. كنا حوالي 300 شخص في مؤخرة شاحنة كبيرة وعلى الطريق حصلت مشاجرة بين المتمردين والمهربين وتم تبادل لإطلاق النار وسيطر المتمردون على السيارة بينما كان المهاجرون يصرخون وكنا جميعا خائفين وكان الجو حارا جدا وبالكاد كنا نتنفس... قفز البعض من الشاحنة ومات آخرون في الطريق".
ووفق رواية المهاجر الأفريقي فقد تولى المتمردون إرسال المحتجزين إلى سجن غير رسمي لا يعرفون مكانه، وقال "أمرنا الرجال الذين كانوا يرتدون أقنعة وأسلحة بإخراج الجثث من السيارة، وكان هناك حوالي 15 جثة، في اليوم التالي طلبوا منا دفن الجثث مع ثلاثة رجال آخرين، وكان عليّ الاعتناء بـ 15 جثة بما في ذلك جثة الطفل، وبينما كنا ندفنهم ابتعد الليبيون الذين كانوا يراقبوننا قليلاً، وكانت ساعة الصلاة، وكان علي أن أستغل هذه اللحظة لأهرب".
وأضاف كريستيان "في الطريق التقيت تشاديين ساعدوني ودفعوا مصاريف نقلي للعودة إلى طرابلس... فهمت أثناء إقامتي في ليبيا أن الهجرة عمل تجاري ومصدر دخل لكثير من الليبيين. هناك "الأسمر" مرادف للمال، أما نحن فنُعتبر ماشية، فحتى الكلاب تُعامل أفضل منا"، بحسب تعبيره.