كشفت دراسة حديثة قادها باحثون من كليات جامعة لندن، وجامعة كينغز لندن، وجامعة ليدز، أن انتقائية الأطفال في تناول الطعام قد تكون مرتبطة بشكل كبير بالعوامل الوراثية، وليس بسوء أساليب التربية كما يُعتقد غالبًا.
واعتمدت الدراسة على بيانات لـ 4804 توائم وُلدوا عام 2007، حيث تم مقارنة السلوكيات الغذائية بين التوائم المتطابقة (التي تتشارك 100% من جيناتها) وغير المتطابقة (التي تتشارك 50%). وأظهرت النتائج أن التوائم المتطابقة كانوا أكثر تشابهًا في انتقائيتهم تجاه الطعام، مما يشير إلى تأثير وراثي قوي.
وقالت الدكتورة زينب ناس، الباحثة في جامعة UCL والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "نود التأكيد على أن هذا السلوك لا يرتبط بسوء التربية، وأن الاختلافات في انتقائية الأطفال للطعام قد تعود في الغالب لاختلافات جينية بينهم". وأضافت أن انتقائية الطعام تزداد عادة بين سن 16 شهرًا و7 سنوات، ثم تبدأ في الانخفاض مع اقتراب سن المراهقة.
البيئة قد تكون السبب..
لكن في الوقت ذاته، لا يجب إغفال تأثير البيئة. فالعوامل البيئية المشتركة مثل مواعيد الوجبات والأجواء المنزلية، تلعب دورًا مهمًا خلال مرحلة الطفولة المبكرة، بينما تستمر العوامل البيئية غير المشتركة مثل الأصدقاء أو الأمراض الفردية في التأثير حتى سن المراهقة.
وحذّرت جاكلين بيدرسون، المديرة التنفيذية لمنظمة "Feeding Matters"، من التقليل من أهمية انتقائية الطعام، حيث قد تكون مؤشرًا على اضطرابات تغذية أكثر خطورة مثل اضطراب التغذية الطفولي (PFD) أو اضطراب تجنّب/تقييد تناول الطعام (ARFID).
وقدّمت الدكتورة كولين كرافت، طبيبة أطفال في مستشفى لوس أنجلوس للأطفال، عدة نصائح للأهل، مثل تقديم مجموعة متنوعة من الأطعمة، إشراك الأطفال في اختيار وإعداد الطعام، وتجنب تقديم بدائل غير صحية.
وأكدت أن ثلاث إلى خمس وجبات جيدة أسبوعيًا، وتناول شيء من كل مجموعة غذائية مرة واحدة في الأسبوع، مع نمو طبيعي للطفل، كلها مؤشرات على تطور صحي.
وتختم الدراسة بأن العوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا، لكن التدخل البيئي المبكر لا يزال أساسيًا لدعم عادات الأكل الصحية لدى الأطفال.