يقترب العلماء من تحقيق اختراق قد يُحدث ثورة في حياة مرضى السكري، بعدما تمكنوا من تطوير آلية جديدة لتوصيل الأنسولين عبر الجلد بشكل موضعي؛ ما قد يضع نهاية لاعتماد المرضى على الحُقن اليومية.
الدراسة، التي أجريت باستخدام فئران وخنازير صغيرة إضافة إلى نماذج جلد بشري مزروع في المختبر، أظهرت لأول مرة إمكانية عبور جزيئات الإنسولين عبر الطبقات الخارجية للجلد؛ وهو أمر ظلّ لعقود يُعتبر "مستحيلاً" بسبب حجم جزيئات الإنسولين وخصائصها المحبة للماء، والتي تمنعها من اختراق الحاجز الدهني للجلد.
وقال فريق البحث في جامعة تشجيانغ الصينية: إن التقنية الجديدة تعتمد على بوليمر نافذ للجلد قد يتيح توصيل الإنسولين بطريقة غير جراحية، وفقًا لمجلة "Nature ".
موضحا أن ذلك "قد يخفف الحاجة للحقن تحت الجلد، ويفتح الباب أمام علاجات بروتينية أخرى يمكن إعطاؤها عبر الجلد بسهولة وبشكل صديق للمريض".
يُعدّ الجلد خط الدفاع الأول للجسم، وتحديدًا طبقته الخارجية (الطبقة القرنية) المكونة من خلايا ميتة مرتبطة بالدهون والزيوت، وهي بيئة يصعب على الإنسولين اختراقها لكونه جزيئًا كبيرًا ومحبًّا للماء.
لكن الباحثين استغلوا ميزة طبيعية في الجلد: تدرّج الحموضة. فسطح الجلد حمضي، بينما تصبح الطبقات الأعمق أقرب إلى التعادل.
واعتمد الفريق على بوليمر يُدعى OP، تتغير شحنته وفق مستوى الحموضة. فعند ملامسته السطح الخارجي للجلد يحمل شحنة موجبة تُمكّنه من الالتصاق بالدهون، ومع انتقاله للطبقات الأعمق يفقد شحنته ويتحرر من تلك الدهون، ليعبر الحاجز إلى داخل الجسم.
وعبر ربط الإنسولين بهذا البوليمر في مركّب جديد سمّي OP-I، تمكن الباحثون من حمل الإنسولين عبر الجلد بكفاءة عالية.
وفي تجارب على الفئران المصابة بالسكري، نجح المركّب OP-I في خفض مستويات الجلوكوز إلى المعدلات الطبيعية خلال ساعة واحدة فقط، وبفاعلية مماثلة لحقن الإنسولين، مع استمرار الاستقرار لمدة 12 ساعة.
وعند تجربته على خنازير صغيرة مصابة بالسكري – وهي أقرب بيولوجيا للإنسان – ظهرت النتائج نفسها تقريبا؛ إذ انخفض مستوى السكر إلى المعدل الطبيعي خلال ساعتين واستمر ثابتًا لمدة 12 ساعة.
وتبين أن المركّب يتوزع داخل الأنسجة المسؤولة عن تنظيم الجلوكوز، مثل: الكبد والدهون والعضلات، حيث يُطلق الإنسولين داخل الخلايا بطريقة تدريجية أكثر سلاسة من الحقن التقليدية.