كشفت دراسات علمية حديثة عن مؤشرات مقلقة تشير إلى تزايد شدة وتأثير نوبات الصداع النصفي، رغم استقرار معدلات الإصابة به نسبيا خلال العقود الماضية، وسط ترجيحات متزايدة بدور التغير المناخي في تفاقم هذه الحالة العصبية الشائعة.
ووفقا لمراجعة منهجية نُشرت مؤخرا، فإن معدل انتشار الصداع النصفي في العالم لا يختلف كثيرا عما كان عليه قبل 30 عاما، إلا أن شدة النوبات ومستوى الإعاقة الناتجة عنها تضاعفا تقريبا بين عامي 2005 و2018. كما أظهرت البيانات أن الرجال، الذين كانوا أقل عرضة للإصابة مقارنة بالنساء، باتوا يعانون من الصداع النصفي بشكل متزايد.
ويرى باحثون أن التغير المناخي يسهم في تعزيز العوامل البيئية المعروفة بإثارة نوبات الصداع النصفي، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وموجات الحر الشديدة، وتقلبات الضغط الجوي، وتزايد العواصف، إضافة إلى تدهور جودة الهواء وارتفاع مستويات التلوث.
وتشير أبحاث عُرضت خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية للصداع عام 2024 إلى أن كل ارتفاع بمقدار 10 درجات فهرنهايت في درجات الحرارة الخارجية يقترن بزيادة احتمالات الإصابة بالصداع بنسبة 6%. كما توصلت دراسة بريطانية تابعت أكثر من 400 ألف شخص على مدى 12 عاما إلى أن التعرض لدرجات حرارة قصوى وتلوث الهواء بثاني أكسيد النيتروجين يرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بالصداع النصفي.
وأوضح خبراء أن التغيرات الجوية تؤثر في وظائف الأوعية الدموية والضغط داخل الجمجمة، كما أن الحرارة المرتفعة قد تؤدي إلى الجفاف وزيادة الالتهابات والإجهاد التأكسدي، وهي عوامل معروفة بدورها في تحفيز نوبات الصداع النصفي. كذلك، قد يسهم التوتر والقلق الناتجان عن الظواهر المناخية المتطرفة في زيادة وتيرة النوبات.
وينصح الأطباء المصابين بتتبع نوبات الصداع وتحديد محفزاتهم الشخصية، مع مراقبة التغيرات الجوية والاستعداد لها عبر شرب كميات كافية من السوائل، وتقليل التوتر، وتجنب المحفزات الأخرى، واستخدام العلاجات الوقائية عند الحاجة. ورغم استحالة التحكم في الطقس، يؤكد المختصون أن الوعي بالمحفزات والتعامل المبكر معها قد يقلل من تأثير الصداع النصفي في ظل عالم يشهد تغيرات مناخية متسارعة.
