أشار خبراء في مجال الصحة، إلى أن النظام الغذائي المعاصر هو أحد العوامل الرئيسة التي تسهم في زيادة انتشار مشكلة ارتفاع ضغط الدم.
وأظهرت دراسة جديدة نشرها موقع ”ميديكال نيوز توداي“ أن زيادة نسبة البوتاسيوم إلى الصوديوم في النظام الغذائي قد تكون أكثر فعالية في خفض ضغط الدم من مجرد تقليل استهلاك الملح.
وتوفر هذه النتائج رؤى جديدة حول إدارة ارتفاع ضغط الدم، وهي حالة تؤثر على نحو 1.28 مليار بالغ حول العالم.
يُعد ارتفاع ضغط الدم عامل خطر رئيسا لأمراض القلب والأوعية الدموية مثل السكتة الدماغية وأمراض الشرايين التاجية، كما يرتبط بأمراض الكلى والخرف واعتلال الشبكية الناتج عن ارتفاع الضغط.
ورغم أن العلاجات التقليدية تشمل الأدوية وتغيير نمط الحياة مثل ممارسة الرياضة، وضبط الوزن، والاعتماد على نظام غذائي منخفض الصوديوم، فإن الدراسة الجديدة تسلط الضوء على الدور المحتمل لزيادة استهلاك البوتاسيوم كنهج داعم.
اعتمدت الدراسة على نماذج رياضية متقدمة تأخذ في الاعتبار الفروقات بين الجنسين، لمحاكاة كيفية تنظيم الجسم لتوازن الصوديوم والبوتاسيوم والسوائل وتأثير ذلك على ضغط الدم.
وشملت النماذج أنظمة متعددة من الجسم، مثل الجهاز البولي، والقلب والأوعية الدموية، والجهاز الهضمي، إضافة إلى جهاز التنظيم العصبي لوظيفة الكلى ونظام الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون لتنظيم ضغط الدم وتوازن الصوديوم.
"سحر البوتاسيوم"
وأشارت الباحثة الرئيسة في الدراسة، أنيتا لايتون، إلى أن النظام الغذائي الحديث يعاني من اختلال كبير مقارنةً بنظام أجدادنا. وقالت: "أسلافنا كانوا يستهلكون كميات أكبر من البوتاسيوم وأقل من الصوديوم، على عكس ما يحدث اليوم. هذا التغير في النسبة بين الصوديوم والبوتاسيوم قد يفسّر جزئيًا سبب انتشار ارتفاع ضغط الدم في العصر الحديث“.
وأظهرت نتائج الدراسة أن رفع نسبة البوتاسيوم إلى الصوديوم في النظام الغذائي يساعد الكلى على التخلص من كميات أكبر من الصوديوم والماء، مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم.
كما لاحظ الباحثون وجود فروقات بين الجنسين؛ إذ إن الرجال، رغم أنهم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنة بالنساء قبل انقطاع الطمث، إلا أنهم يستجيبون بشكل أفضل لزيادة استهلاك البوتاسيوم.
وترجع هذه الفروقات إلى الاختلافات الفسيولوجية في بنية الكلى بين الذكور والإناث. وتعتزم الباحثة وفريقها تعديل النماذج الحالية لمحاكاة كبار السن، الذين يُعدون الفئة الأكثر عرضة للإصابة بارتفاع الضغط، لفهم تأثير التقدم في العمر على هذه الآليات.
من جانبهم، أكد خبراء في طب القلب أن نتائج الدراسة تتماشى مع الفهم الحالي لتأثيرات الكهارل الغذائية على ضغط الدم. وقال أحد أطباء القلب: "ارتفاع ضغط الدم من أكبر العوامل المسببة لأمراض القلب عالميًا. وتشير هذه النماذج إلى أن التدخلات الغذائية، خصوصًا تلك التي تستهدف نسب الصوديوم والبوتاسيوم، يمكن أن تقلل من عبء الأمراض عالميًا“.
ويشير خبراء التغذية إلى طرق عملية لزيادة استهلاك البوتاسيوم، إذ لا تقتصر مصادره على الموز فقط، بل تشمل أيضًا العدس، والمشمش، والكوسا، والبرقوق المجفف، والفاصولياء الحمراء.
كما تعد البطاطا بأنواعها غير المصنعة، مثل البطاطا الحلوة وبطاطا الإصبع، من أغنى المصادر بالبوتاسيوم، إلى جانب احتوائها على الألياف، وفيتامينات B، والمغنيسيوم.
وتوفر الخضروات الورقية مثل السبانخ والخس والبروكلي، بالإضافة إلى الطماطم والهليون، كميات إضافية من البوتاسيوم ومضادات الأكسدة الضرورية لصحة القلب.
كما تساعد الأطعمة الغنية بالنترات، مثل الشمندر وعصير الشمندر، في خفض ضغط الدم من خلال توسيع الأوعية الدموية.
ويحذر اختصاصيو التغذية من المفاهيم الخاطئة المتعلقة بأملاح الطهي البديلة، مؤكدين أن ملح البحر والملح الوردي وغيرهما تحتوي على نسب صوديوم مشابهة للملح العادي.
كما يوصون بالعمل مع اختصاصيي تغذية معتمدين لتقييم نسب الصوديوم والبوتاسيوم في النظام الغذائي، وتعلم قراءة الملصقات الغذائية بدقة.
وبالإضافة إلى النظام الغذائي، ينصح الخبراء بتقنيات إدارة التوتر والنشاط البدني المنتظم للحفاظ على ضغط الدم ضمن المعدلات الصحية.
ومع استمرار الأبحاث في هذا المجال، تؤكد التوصيات على أهمية التغييرات الشاملة والمستدامة التي تعزز صحة القلب على المدى البعيد.