أظهرت دراسة جديدة أن التعرض المتكرر لموجات الحر يسرّع الشيخوخة البشرية، في تأثير يشبه إلى حد كبير ما يسببه التدخين أو تعاطي الكحول أو سوء التغذية وقلة النشاط البدني.
وحذر الباحثون من أن درجات الحرارة القصوى، التي أصبحت أكثر شيوعًا بفعل أزمة المناخ، قد تلحق أضرارًا صحية طويلة الأمد بمليارات البشر.
ويُنظر إلى البحث المنشور في مجلة "نيتشر كلايمت تشينج "باعتباره "تحولًا نوعيًا" في فهم تأثير الحرارة على صحة الإنسان، إذ تبيّن أن العمر البيولوجي للمشاركين ارتفع بما يصل إلى عامين، وهو مؤشر قوي على زيادة مخاطر الوفاة.
وأوضح العلماء أن التأثير قد يتفاقم مع تزايد تواتر موجات الحر وطول مدتها، خصوصًا مع بلوغ حرق الوقود الأحفوري مستويات قياسية في عام 2024.
وشملت الدراسة التي أوردتها صحيفة "الغارديان"، 25 ألف شخص خضعوا لفحوص طبية دقيقة، منها قياسات لضغط الدم، والالتهابات، والكوليسترول، ووظائف الرئة والكبد والكلى، للمقارنة بين أعمارهم الفعلية والعمر البيولوجي.
وأظهر التحليل أن عدد أيام التعرض لموجات الحر كان العامل الأبرز في تسريع الشيخوخة،
ويرجح الباحثون أن تلف الحمض النووي يلعب دورًا رئيسيًا في ذلك.
وعلى الرغم من أن التأثير الضار تراجع نسبيا مع مرور الوقت نتيجة تدابير التكيف، مثل قضاء الوقت في الظل أو استخدام أجهزة التكييف، إلا أنه ظل ملحوظا.
وأكد الباحثون أن الفئات الأكبر سنًا والمرضى أكثر عرضة للتأثر مقارنة بالمشاركين الأصغر سنًا والأكثر صحة.
وقال الدكتور كوي غو، قائد فريق البحث من جامعة هونغ كونغ، إن تراكم التعرض لموجات الحر لعقود قد يجعل التأثير الصحي أكبر بكثير مما هو مسجّل حاليا.
بينما أشار البروفيسور بول بيغز من جامعة ماكواري الأسترالية إلى أن نتائج الدراسة تتماشى مع أبحاث أمريكية سابقة، أظهرت أن الحرارة تسرّع الشيخوخة لدى كبار السن وتؤدي إلى تدهور إدراكي أسرع.
ويؤكد العلماء أن فهم هذا الخطر الجديد يستدعي مزيدا من الدراسات، خصوصا مع النقص في بيانات تتعلق بمدى استخدام الأفراد لمكيفات الهواء، وبرودة المساكن، والوقت الذي يقضونه في الهواء الطلق، وهي عوامل قد تحد أو تزيد من تأثير الحرارة على الشيخوخة.