شهدت صناعة الطيران في الآونة الأخيرة حادثة غير معتادة ألقت الضوء على تأثيرات النشاط الشمسي على الأنظمة الإلكترونية للطائرات.
وتعرضت طائرة "إيرباصA320" تابعة لشركة "جيهت بلو" الأمريكية في الـ30 من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لاضطراب ناتج عن العواصف الشمسية أثناء رحلتها بين كانكون ونيويورك، ما أثار تساؤلات حول تأثيرات الظواهر الفضائية على السلامة الجوية.
وتبيّن أن الجسيمات المشحونة التي تطلقها الشمس، لاسيما خلال العواصف الشمسية، قد تؤدي إلى تعطيل مؤقت للإشارات الكهربائية داخل الطائرات، ما يتسبب في تغييرات مفاجئة في البيانات والأوامر الصادرة من قمرة القيادة.
يُعرف هذا النوع من الاضطرابات باسم "الاضطراب الفردي للحدث-SEU"، وهو يحدث عندما تصطدم جسيمات مشحونة، مثل الإلكترونات أو البروتونات عالية الطاقة، بأجزاء حساسة في الأنظمة الإلكترونية للطائرة.
وتتعرض الإشارات الكهربائية للتشويش، مع مرور هذه الجسيمات عبر مكونات الطائرة، ما يؤدي إلى حدوث أخطاء في البيانات المتبادلة بين الأنظمة المختلفة للطائرة.
يُعد هذا النوع من الحوادث نادرًا، إلا أنه يسلّط الضوء على مدى تأثير العواصف الشمسية على الطائرات الحديثة، إذ يمكن أن تسبب اضطرابات في الأنظمة المرتبطة بالتحكم في الطائرة والملاحة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وعلى الرغم من أن المجال المغناطيسي للأرض يعمل كدرع واقٍ ضد هذه الجسيمات في أغلب الأوقات، فإن الانبعاثات الشمسية القوية، مثل الانبعاثات التاجية الشمسية (CME)، يمكن أن تطلق جسيمات مشحونة بسرعات قد تصل إلى عدة آلاف من الكيلومترات في الثانية، وهو ما يشكل تهديدًا للطائرات التي تحلق في الطبقات العليا من الغلاف الجوي.
وفي حادثة طائرة "جيهت بلو"، وصل مؤشر النشاط المغناطيسي للأرض إلى 5.3، وهو ما يصنفه العلماء كعاصفة مغناطيسية ضعيفة.
ووفقًا للوكالة الوطنية الأمريكية لدراسات المحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، يُعد هذا النوع من النشاط الشمسي أمرًا غير نادر، حيث يتكرر حدوثه بمعدل مرة واحدة كل 16 يومًا تقريبًا خلال الدورة الشمسية، التي تستمر نحو 11 عامًا.
ورغم أن هذه الاضطرابات عادة ما تكون مؤقتة ولا تشكل تهديدًا مباشرًا للسلامة الجوية، فإن الحادثة سلطت الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز حماية الأنظمة الإلكترونية للطائرات من التأثيرات الفضائية.
وأكد تقرير الصحيفة الفرنسية أنه مع تقدم التكنولوجيا الجوية، يصبح من الضروري العمل على تطوير أنظمة أكثر مرونة تستطيع التكيف مع هذه الظواهر الطبيعية غير المتوقعة.
ونوه إلى أن تعزيز مقاومة الطائرات للعواصف الشمسية قد يساعد في ضمان استمرارية الرحلات الجوية بأمان في المستقبل، وتقليل التأثيرات السلبية المحتملة لهذه الظواهر على العمليات الجوية.