logo
بيئة ومناخ

في "مؤتمر المناخ".. هل تقود البرازيل تمرّد الجنوب لكسر هيمنة الغرب؟

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفاالمصدر: in4u.org

تتجه الأنظار إلى المدينة البرازيلية "بيليم" التي ستحتضن قمة المناخ cop30 بحضور الآلاف من القادة والرؤساء والمسؤولين والخبراء في البيئة، وسط توقعات بأنها ستكون قمة مصارحة الدول النامية للدول المتقدمة بالمخاطر الجدية والكوارث المحدقة بالبيئة والمحيط.

مؤتمر في وسط مدينة منكوبة 

وأوردت مصادر برازيلية أنّ تمسك البرازيل بمدينة "بيليم" لاحتضان هذا المؤتمر المناخي يمثل رسالة قوية في حدّ ذاتها، إذ تريد البرازيل من الحضور الدولي المرموق رؤية حجم الكوارث البيئية التي لحقت بالمدينة الفقيرة وبغابة الأمازون بسبب السياسات التصنيعية الغربية. 

وأضافت المصادر ذاتها أنّ الرئيس البرازيلي لولا داسيلفا يريد من هذا المؤتمر أن يكون منعطفا بيئيا ومناخيا عالميا، وأن يكسر نمطية الندوات الدولية التي تقام عادة في مناطق مُرفهة وبمنأى عن المشاكل البيئية التي يعيشها العالم.  

وفي مقابلة صحفية مع وكالة أسوشيتد برس، قال أندريه كوريّا دو لاغو، الدبلوماسي البرازيلي المخضرم الذي سيتولى إدارة المؤتمر، إنّ استضافة المؤتمر في بيليم هي وسيلة لمواجهة التحديات وجهًا لوجه ولا يمكننا تجاهل حقيقة أن العالم مليء بعدم المساواة، وأن الاستدامة ومكافحة تغير المناخ يجب أن تكون قريبة من الناس".

وأضاف: "الرئيس لولا يريد من الجميع أن يروا "مدينة" – أي مدينة بيليم- يمكن أن تتحسن بفضل نتائج هذه المناقشات. عندما تذهب إلى بيليم، سترى بلدا ناميا يعاني، ولكنه أيضًا يحمل إمكانات كبيرة".

وأشار إلى أن البرازيل ترغب بشدة في وضع قضايا الغابات والطبيعة في صلب نقاشات المؤتمر، خصوصًا أن غابات الأمازون المجاورة للمدينة تمثل رئة حيوية لكوكب الأرض، إذ تسهم في امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون. غير أن وتيرة إزالة الغابات تشكل تهديدًا وجوديًا، وقد أظهرت دراسة عام 2021 أن أجزاء من الأمازون أصبحت تصدر الكربون بدلاً من امتصاصه.

الكوكب يشتعل 

في هذه الأثناء، تعوّل الأمم المتحدة على توافقات دولية واسعة تُمكن من تخفيض الاحتباس الحراري إلى ما دون الـ1.5 درجة مئوية. 

وفي وقت سابق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أهمية أن تغطي الخطط الوطنية الجديدة جميع القطاعات والانبعاثات، وأن تتماشى مع هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بما قبل الثورة الصناعية.

وأشار إلى أن هذا الهدف، رغم صعوبته، لا يزال محور الجهود الدولية، وأن العالم تجاوز بالفعل حاجز 1.5 درجة مئوية بشكل مؤقت في العام الماضي.

أخبار ذات علاقة

مؤتمر كوب 29

"مخيب للآمال".. فرنسا تنتقد اتفاق "كوب 29"

وصرّحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أن عام 2024 كان أدفأ عام مسجَّلٍ، حيث تجاوز متوسط درجات الحرارة في عصر ما قبل الثورة الصناعية بنحو 0.05 درجة مئوية.

مشاكل سكن لـ90 ألف مشارك 

وعلى الرغم من مواجهة البرازيل ومعها المنظمة الأممية مشاكل لوجستية في مستوى تأمين السكن اللازم لأكثر من 90 ألف مشارك ومشاركة في أشغال المؤتمر الذي سيعقد ما بين 10 و12 نوفمبر القادم، فإنّ جهودا حثيثة تبذل في هذا الغرض لتيسير السكن والإعاشة لفائدة الحاضرين. 

ورفضت البرازيل أي طلب لتغيير مقر مؤتمر المناخ، متشبثة بمدينة "بيليم" المتاخمة لغابات الأمازون، وهو القرار الذي أقرّته الأمم المتحدة، بمنح الدول منخفضة الدخل المزيد من الأموال لمساعدتها على حضور المؤتمر، في ضوء ارتفاع تكاليف الإقامة في مدينة بيليم بمنطقة الأمازون البرازيلية.

صعوبات جمّة

ولئن مثّل تمسك لولا باحتضان مدينة "بيليم" مؤتمر المناخ الدولي فرصة مهمة لعرض مشاكل الغابات والمناطق الخضراء من ظاهرة الاحتباس الحراري أمام أنظار العالم أجمع، فإنّ المؤشرات القادمة من الاجتماعات التمهيدية للمؤتمر تؤكد صعوبة التوصل إلى حلول توافقية حول التقليص من نسب الانبعاثات المؤدية للاحتباس الحراري. 

وأشار دولاغو في رسالته المفتوحة السادسة إلى أنّ المسؤولية جماعية لحماية الاقتصادات وتحسين مستويات المعيشة لجميع الشعوب والأجيال، مضيفا أن على الدول خفض صافي الانبعاثات العالمية بنسبة 60% بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات عام 2019. 

وعلى الرغم من أنّ هذه النسبة تُعد قليلة وقاصرة عن إخراج المعمورة من خطر الانحباس عند درجة 1.5، فإنّها لا تزال محلّ اختلاف دولي كبير، خاصة لدى الدول الصناعية الكبرى. 

وتؤكد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه من أجل تحقيق الحدّ من الاحترار عند 1.5 درجة مئوية، فإنّ الخفض المطلوب لا بد أن لا يقل عن 43 بالمائة.

وتبدي منظمات مناخية محلية برازيلية تشاؤمها من إمكانية التوصل إلى اتفاق حول نسبة 60 بالمائة، لا سيما مع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس للمناخ.

التغير المناخي يقتل 15 ألف أوروبي 

في خضمّ ذلك، قضى التغير المناخي على أكثر من 15 ألف أوروبيّ خلال الصائفة الفائتة. 

واعتبر باحثون في جامعات بريطانية أنّ تغير المناخ هو السبب في 68 بالمئة من الوفيات البالغ عددها 24 ألف شخص والمتعلقة بحرارة صائفة هذا العام.  

وعجزت هذه الأرقام المفزعة عن تغيير سياسات الدول الأوروبية حيال خفض الانبعاثات، إذ تؤكد مصادر مطلعة في بروكسل أنّ المشاورات داخل الاتحاد الأوروبي مسدودة، والهدف المعلن بخفض الانبعاثات بنسبة 55 بالمائة بحلول 2030 لا يزال بعيد المدى، وأنّ التعهد الأوروبي بتصفير الانبعاثات سنة 2050 "سراب وذرّ للرماد في العيون".  

أخبار ذات علاقة

كوب 29

"كوب 29".. 300 مليار دولار سنويًا للتمويل المناخي

واعتبر خبراء في مجال البيئة والمناخ أنّ خلوّ النص التّفاوضي ما بين المفوضية والدول الأعضاء حول مواجهة الانحباس الحراريّ من أية نسبة أو أرقام محددة لخفض الانبعاثات يعدّ أمرا مخيبا للآمال. 

أمريكيًّا، تُعدُّ مقاطعة واشنطن مؤتمر cop30 في بيليم، وانسحابها من اتفاقية باريس حول المناخ، وإغلاق إدارة ترامب المكتب المعني بالدبلوماسية المناخية في وزارة الخارجيّة، مؤشرات سلبية على المسار البيئي العالمي خلال الفترة المقبلة. 

وبهذه السياسة تكون أمريكا قد أدارت ظهرها للدعوة العالمية ذاتها التي أبرمتها مع الصين في 2023 للتخلي عن استخدام الوقود الأحفوري الذي يعد المسؤول الأول عن الاحتباس الحراري في العالم.

إفريقيا تنتفض 

إفريقيًا، تم بحر الأسبوع الفارط اعتماد إعلان "أديس أبابا"، الذي سيحدد الأجندات الإفريقية لمؤتمر "بيليم". 

وأكد الإعلان أن المؤتمر اختتم أعماله بموقف واضح للقارة الإفريقية بشأن التغير المناخي، مشددًا على ضرورة تسريع حلول تغير المناخ العالمي ودعم جهود التمويل للمناخ وتعزيز الاقتصاد الأخضر في إفريقيا.

ودعا الإعلان قادة العالم إلى دعم المبادرات المناخية الإفريقية من أجل توسيع نطاق تنفيذها، وتضمّ المبادرات: "مبادرة الاتحاد الإفريقي"، و"الحائط الأخضر العظيم"، و"مبادرة استعادة المناظر الطبيعية للغابات الإفريقية"، ومبادرة "الإرث الأخضر الإثيوبي". 

كما أشار الإعلان إلى الميثاق الإفريقي للابتكار المناخي (ACIC)، ومرفق المناخ الإفريقي ( ACF)، اللذين تم إنشاؤهما بمبادرة من رئيس الوزراء الإثيوبي، ابي أحمد، مع التزام بتوفير 50 مليار دولار سنويا، كحافز لدعم الحلول المناخية المحلية، في جميع أنحاء القارة.

أخبار ذات علاقة

ضباط الأمن في المحكمة العليا البرازيلية

"مقاومة شرسة".. إلى أين تتجه معركة كسر العظم بين ترامب والبرازيل؟

وتمثل هذه المبادرات ردّة فعل إفريقية على المخاطر البيئية المحدقة بالقارة، لا سيما أنّها– وفق ما يشير إليه الخبراء- تعاني مظلمة بيئية كبرى، ذلك أنّها لا تسهم بغير 4 بالمائة من الانبعاثات العالمية، في حين أنّها القارة الأكثر تضررا من الأزمات المناخية بعد القارة الآسوية. 

وتسببت التغيرات المناخية الكبرى بأزمة نزوح كبرى في القارة الإفريقية، إذ قفزت أرقام النازحين من 1.1 مليون نازح سنويا في 2009 إلى 6.3 مليون نازح في 2023. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC