logo
العالم

"مقاومة شرسة".. إلى أين تتجه معركة كسر العظم بين ترامب والبرازيل؟

ضباط الأمن في المحكمة العليا البرازيليةالمصدر: نيويورك تايمز

تشكّل البرازيل، أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، حالة اختبار حاسمة لكيفية تحدي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يواجه مقاومة شرسة من برازيليا في معركة تصاعدت إلى "كسر العظم". 

وفي هذه المواجهة الدبلوماسية والاقتصادية، يطالب ترامب بإسقاط التهم الموجهة إلى الرئيس السابق جايير بولسونارو بتهمة محاولة الانقلاب، مقابل فرض رسوم جمركية عقابية تصل إلى 50% على الصادرات البرازيلية، وإطلاق تحقيق تجاري، وعقوبات شخصية ضد قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس.

أخبار ذات علاقة

 الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو

إدانة رئيس البرازيل السابق بولسونارو بتهمة الانقلاب

لكن البرازيل لم تتراجع، بل ردّت يوم الخميس بإدانة بولسونارو وحكمت عليه بالسجن لأكثر من 27 عامًا لإشرافه على مؤامرة فاشلة للبقاء في السلطة بعد خسارة انتخابات 2022. 

ووفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن هذا التحدي يعكس عزيمة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي شهد ارتفاعًا في شعبيته، محولًا الضغط الأمريكي إلى انتصار داخلي.

وبدأت المعركة عندما أوضح ترامب مطالبه بوضوح تام، محاولًا التنمر على برازيليا لإنقاذ حليفه بولسونارو، إذ فرض الرسوم الجمركية، وأطلق تحقيقًا تجاريًا، وأصدر عقوبات شديدة ضد مورايس، المشرف على القضية. 

ومع ذلك، لم يسفر ذلك عن كارثة للبرازيل، بل على العكس، ارتفعت صادراتها العالمية بنسبة 4% في الشهر الماضي، مدفوعة بزيادة مشتريات الصين، التي أصبحت أكبر شريك تجاري لبرازيليا، متجاوزة الولايات المتحدة. 

وفي أغسطس، زادت مشتريات الصين بنسبة 31% مقارنة بالعام السابق، بينما انخفضت مبيعات البرازيل إلى أمريكا بنسبة 18.5%، ليبرز هذا التحول الاقتصادي هشاشة استراتيجية ترامب، الذي يعتمد على القوة الاقتصادية لفرض إرادته، لكنه يواجه مقاومة تجعل البرازيل تتقرب أكثر من بكين.

كما أن الرد البرازيلي كان مباشرًا وغير متردد، فأثناء التصويت على إدانة بولسونارو، سخر القاضي فلافيو دينو من محاولات التدخل الأمريكي، قائلًا: "هل يعتقد أحد أن تغريدة من مسؤول حكومي أجنبي ستغير حكمًا في المحكمة العليا؟"، رد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بتغريدة تحذيرية: "إن الولايات المتحدة سترد بالشكل المناسب على هذه الحملة الشرسة".

رد محدود

لكن الإجراءات الأمريكية الأخيرة ركزت على إلغاء تأشيرات بعض المسؤولين البرازيليين، وهي خطوة محدودة مقارنة بالرسوم الجمركية، وإذا استمرت هذه الرسوم أو زادت، قد يصعب على ترامب الشرح لناخبيه الأمريكيين لماذا يدفعون أكثر مقابل لحوم البقر والقهوة والسكر، من أجل تدخل في قضية برازيلية داخلية.

تتجاوز المشكلة، من وجهة نظر واشنطن، بولسونارو إلى اتهامات أوسع ضد مورايس بفرض رقابة على حرية التعبير، إذ يتهم المسؤولون الأمريكيون القاضي بإصدار أوامر لحظر حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، بناء على قرارات فردية تهدد الديمقراطية. 

تحول نحو الصين

وفي موازاة ذلك، تنخفض نسبة البرازيليين ذوي الصورة الإيجابية عن الولايات المتحدة إلى 44% في أغسطس، من 58% في فبراير 2024، وفق استطلاع رأي، بينما ارتفعت عن الصين إلى 49% من 38%، حتى أنصار بولسونارو، الذين لوحوا بالأعلام الأمريكية في الاحتجاجات، لم يتغير موقفهم كثيرًا تجاه واشنطن.

وتحدث لولا مع الرئيس الصيني شي جين بينج مرتين على الأقل منذ تطبيق الرسوم، دون أي اتصال مع ترامب، كتب نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو يوم الخميس أن إدانة بولسونارو دفعت "العلاقات بين بلدينا العظيمين إلى أحلك نقطة لها منذ قرنين". 

ويرى اليساريون البرازيليون أن هذا التدخل يذكر بدعم أمريكا للانقلاب العسكري عام 1964، الذي أدى إلى دكتاتورية دامت 21 عامًا، معتبرين السياسة الحالية تدخلًا آخر لصالح مُدبّري الانقلاب، أما المسؤولون الأمريكيون، فيقولون إنهم ينقذون الديمقراطية.

أين تتجه المعركة؟ 

تستمر البرازيل في مطالبة ترامب بالرحيل، محافظة على استقلاليتها، بينما تواجه واشنطن خطر دفع حليفتها التاريخية نحو الصين.

ويتوقع تقرير "نيويورك تايمز" أن يؤدي الاستمرار في التصعيد إلى خسائر اقتصادية متبادلة، لكن عزيمة لولا ومورايس تحول الضغط إلى تعزيز داخلي، وبينما قد تكون "معركة كسر العظم" هذه اختبارًا لقوة ترامب، لكنها تكشف عن حدود نفوذه في عالم متعدد الأقطاب.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC