logo
بيئة ومناخ

كيف تعيد الأعاصير المدارية تشكيل الغلاف الجوي؟

صورة جوية لأحد الأعاصير المدارية المصدر: Getty image

كشفت دراسة علمية حديثة، استندت إلى نماذج حاسوبية عالية الدقة، أن الأعاصير المدارية تؤثر بشكل معقد على دورة الكربون العالمية، بما يشمل إطلاقاً مؤقتاً لثاني أكسيد الكربون يعقبه امتصاص طويل الأمد وتخزين أعمق للكربون في المحيطات.

وهو ما يفتح نافذة جديدة لفهم العلاقة بين هذه العواصف والاحتباس الحراري وتغير المناخ.

نماذج حاسوبية دقيقة لتتبع الأعاصير

واستخدم الباحثون نماذج حاسوبية لمحاكاة الأعاصير المدارية بدقة غير مسبوقة، بهدف دراسة تأثيرها على تبادل الكربون بين المحيط والغلاف الجوي.

أخبار ذات علاقة

من إعصار فلوريدا في سبتمبر 2024

لماذا ستصبح الأعاصير أكثر خطورة في فلوريدا؟

وأوضحت الدراسة المنشورة في مجلة PNAS أن نماذج الأرض التقليدية، التي تعمل بدقة مكانية تتراوح بين 100 و200 كيلومتر، لا تكفي لتمثيل الظواهر الصغيرة والمتطرفة مثل الأعاصير الاستوائية الشديدة.

وبناءً على ذلك، ركّز الفريق على محاكاة استمرت عاماً واحداً لأقوى إعصارين استوائيين في غرب شمال المحيط الأطلسي، تجاوزت سرعة الرياح فيهما 200 كيلومتر في الساعة.

وأشارت الدراسة إلى أن كلا الحدثين من فئة الأعاصير المدارية، حيث تُصنف العاصفة كإعصار استوائي عند بلوغ سرعة رياحها السطحية 118.8 كيلومتر في الساعة أو أكثر، مع تكوّن العاصفة الثانية بعد نحو أسبوع من الأولى.

إطلاق وامتصاص الكربون

وأظهرت المحاكاة أن الأعاصير المدارية، عبر خلط مياه سطح المحيط، تتسبب في تبادل الحرارة والكربون مع الغلاف الجوي، فقد أدت إلى إطلاق المحيط كميات من ثاني أكسيد الكربون بقوة تزيد من 20 إلى 40 مرة عن الظروف الجوية العادية. 

وفي المقابل، أدت الأعاصير إلى انخفاض درجة حرارة سطح المحيط، مما عزز امتصاص الماء لثاني أكسيد الكربون لعدة أسابيع بعد العواصف، قبل أن تستقر المحصلة النهائية على زيادة طفيفة في الامتصاص.

وأوضحت تاتيانا إيلينا، المؤلفة المشاركة وقائدة مجموعة في معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية، أن هذه العمليات أسهمت أيضاً في زيادة كمية الكربون العضوي الذي يغرق في طبقات المحيط العميقة، ما يعزز التخزين طويل الأمد للكربون.

أخبار ذات علاقة

ما خلفه إعصار ديبي في فلوريدا في سبتمبر 2024

الأعاصير.. لماذا أصبحت أقوى وأسرع من أي وقت مضى؟

نمو العوالق النباتية

وأظهرت الدراسة كذلك أن اختلاط المياه الناتج عن الأعاصير جذب المغذيات إلى السطح، مما أدى إلى نمو العوالق النباتية عشرة أضعاف، واستمر هذا الازدهار لعدة أسابيع بعد مرور الأعاصير، وانتشر في مناطق واسعة من غرب شمال المحيط الأطلسي بفعل التيارات المحلية، التي ساهمت الأعاصير جزئياً في تكثيفها.

تشير هذه النتائج إلى أن الأعاصير المدارية ليست مجرد ظواهر مدمرة، بل تلعب دوراً حيوياً في إعادة توزيع الكربون والمغذيات في المحيطات، ما يعيد تشكيل فهم العلماء لتأثير هذه العواصف على التغير المناخي العالمي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC