كشفت دراسة علمية حديثة، استندت إلى نماذج حاسوبية عالية الدقة، أن الأعاصير المدارية تؤثر بشكل معقد على دورة الكربون العالمية، بما يشمل إطلاقاً مؤقتاً لثاني أكسيد الكربون يعقبه امتصاص طويل الأمد وتخزين أعمق للكربون في المحيطات.
وهو ما يفتح نافذة جديدة لفهم العلاقة بين هذه العواصف والاحتباس الحراري وتغير المناخ.
واستخدم الباحثون نماذج حاسوبية لمحاكاة الأعاصير المدارية بدقة غير مسبوقة، بهدف دراسة تأثيرها على تبادل الكربون بين المحيط والغلاف الجوي.
وأوضحت الدراسة المنشورة في مجلة PNAS أن نماذج الأرض التقليدية، التي تعمل بدقة مكانية تتراوح بين 100 و200 كيلومتر، لا تكفي لتمثيل الظواهر الصغيرة والمتطرفة مثل الأعاصير الاستوائية الشديدة.
وبناءً على ذلك، ركّز الفريق على محاكاة استمرت عاماً واحداً لأقوى إعصارين استوائيين في غرب شمال المحيط الأطلسي، تجاوزت سرعة الرياح فيهما 200 كيلومتر في الساعة.
وأشارت الدراسة إلى أن كلا الحدثين من فئة الأعاصير المدارية، حيث تُصنف العاصفة كإعصار استوائي عند بلوغ سرعة رياحها السطحية 118.8 كيلومتر في الساعة أو أكثر، مع تكوّن العاصفة الثانية بعد نحو أسبوع من الأولى.
وأظهرت المحاكاة أن الأعاصير المدارية، عبر خلط مياه سطح المحيط، تتسبب في تبادل الحرارة والكربون مع الغلاف الجوي، فقد أدت إلى إطلاق المحيط كميات من ثاني أكسيد الكربون بقوة تزيد من 20 إلى 40 مرة عن الظروف الجوية العادية.
وفي المقابل، أدت الأعاصير إلى انخفاض درجة حرارة سطح المحيط، مما عزز امتصاص الماء لثاني أكسيد الكربون لعدة أسابيع بعد العواصف، قبل أن تستقر المحصلة النهائية على زيادة طفيفة في الامتصاص.
وأوضحت تاتيانا إيلينا، المؤلفة المشاركة وقائدة مجموعة في معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية، أن هذه العمليات أسهمت أيضاً في زيادة كمية الكربون العضوي الذي يغرق في طبقات المحيط العميقة، ما يعزز التخزين طويل الأمد للكربون.
وأظهرت الدراسة كذلك أن اختلاط المياه الناتج عن الأعاصير جذب المغذيات إلى السطح، مما أدى إلى نمو العوالق النباتية عشرة أضعاف، واستمر هذا الازدهار لعدة أسابيع بعد مرور الأعاصير، وانتشر في مناطق واسعة من غرب شمال المحيط الأطلسي بفعل التيارات المحلية، التي ساهمت الأعاصير جزئياً في تكثيفها.
تشير هذه النتائج إلى أن الأعاصير المدارية ليست مجرد ظواهر مدمرة، بل تلعب دوراً حيوياً في إعادة توزيع الكربون والمغذيات في المحيطات، ما يعيد تشكيل فهم العلماء لتأثير هذه العواصف على التغير المناخي العالمي.