تشهد مصر رواجًا غير مسبوق في عالم الآثار خلال عام 2025، حيث أضحت موقعًا لعدد مدهش من الاكتشافات الأثرية، تنوعت بين الغارق والمغمور والبرّي.
فهذا القرن الفريد يُثبت مرة جديدة أن أرض النيل القديمة لم تزل خزّانًا لسراديب كنوز مدفونة وحسب، إنما أطلالة حضارية جاذبة ولا تنطفئ أبدًا.
ووصل إجمالي الاكتشافات الأثرية في النصف الأول من عام 2025 الجاري إلى 16 كشفًا أثريًّا ترجع لعصور مختلفة عبر التاريخ في تسع محافظات مصرية، تتصدرها الأقصر بسبعة اكتشافات وحدها، وفقًا لبيان سابق لوزارة السياحة والآثار المصرية.
قبل أيام، نجحت إدارة الآثار الغارقة بالمجلس الأعلى للآثار بمصر في استخراج قطع أثرية ضخمة من أعماق البحر المتوسط عند ميناء أبو قير بالإسكندرية.
وتضمنت: تمثالا ضخما لـ"أبو الهول" من الكوارتز يحمل خرطوش الملك رمسيس الثاني، وتمثال جرانيت لعصر البطالمة، برغم كسوره، وتمثال رخامٍ لرجل من الطبقة النبيلة في العصر الروماني، إضافة لوعدٍ بإعلان قريب عن سفينة أثرية أخرى مغمورة بالمنطقة ذاتها، في أكبر عملية من نوعها مُنذ 20 عامًا.
هذا الحدث الأثري لم يكن عابرًا، إذ أُعلن استعداد لعرض معرض مؤقت بعنوان "أسرار المدينة الغارقة يضمّ 81 قطعة أثرية منتشَلة، سيُعرض لمدة ستة أشهر في المتحف القومي بالإسكندرية، على أن يجوب العالم لاحقًا، ليكشف عن ملامح الإسكندرية وتاريخها الغارق.
تصدرت محافظة الأقصر في الجنوب المصري، الموسومة بقلب التراث المصري النابض، قائمة الاكتشافات الأثرية في النصف الأول من عام 2025 الجاري، سبعة اكتشافات أثرية ومقابر تعود إلى عصور مختلفة في الدير البحري، وجبل طيبة، ومعابد الكرنك، والبر الغربي.
من أبرز الاكتشافات أساسات المعبد الجنائزي للملكة حتشبسوت، ومقبرة صخرية تعود إلى تحتمس الثاني في وادي الملوك، صخرية ضمن موقع معبد الوادي تعود للدولة الوسطى، ومدينة صناعية بجوار المعبد المفتوح في الكرنك تعود للعصر البطلمي.
وفي محافظة الجيزة بمنطقة سقارة الأثرية، تم الإعلان عن كشفين أثريين بين مقابر وقطع أثرية تعود لعصور مختلفة، شملت نحو 150 تمثالًا برونزيًّا وما يزيد عن 250 تابوتًا فرعونيًّا، تعود إلى نحو 2500 عام، وذلك في أواخر شهر مايو الماضي.
أما في الشرقية فتم الكشف عن تجمعات كثيفة من الطوب اللبن لمدينة "إيمت"، التي تعود للقرن الرابع قبل الميلاد، بمنطقة "تل الفرعون"، إضافة إلى مُقتنيات مثل سسترون من برونز يحمل رأس حتحور وتمثال لحورس، وذلك في ختام موسم الحفائر الذي فعلته البعثة الأثرية البريطانية من جامعة مانشستر، مُعززًا من وجود المُدن التاريخية الهامة في الدلتا المصرية.
وفي محافظة أسيوط بالصعيد المصري، تم الكشف عن مبنى من الطوب اللبن بمنطقة "منقباد" يعود إلى الفترة ما بين القرن السادس والسابع الميلادي، ولا سيما أنه تم العثور على جداريات ذات رمزية هامة في الفن القبطي، من بينها جدارية عليها بقايا طفل صغير، يُعتقد أنها تعود للسيد المسيح.
على الخط الجنوبي، اكتشفت البعثة المصرية الأمريكية من جامعة بنسلفانيا، مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني، تعود للقرن السابع الميلادي، وذلك في قرية بناويط بمركز المراغة بمحافظة سوهاج في منتصف مارس الماضي.
وفي 22 مارس الماضي، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن اكتشاف مجموعة مقابر أثرية بمحافظة الإسماعيلية، من بينها مقبرة لقائد عسكري في عصر الملك رمسيس الثالث، قبل نحو 3200 عام، وفي أوائل مايو الماضي، تم اكتشاف بقايا تحصينات عسكرية ووحدت للجنود، ولا سيما خندق يُشير إلى احتمالية وجود قلعة بمحافظة شمال سيناء، تعود للعصرين البطلمي والروماني.
وأكدت مصادر مُختصة وخبراء بمجال السياحة، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن الاكتشافات الأثرية المتنوعة في عام 2025، بمختلف عصورها الزمنية، من مقابر الدولة القديمة إلى كنوز الإسكندرية الغارقة، لم تُبرز مصر فقط عبر التاريخ، بل تزيد من جاذبيتها لمن لا يزال يجهل كم الكنوز التي تحفل بها.
وشددت المصادر على أهمية الاكتشافات الأثرية الحديثة في تنمية السياحة الثقافية، بالإشارة إلى المعارض المؤقتة، والمُخطط الجوال للآثار الغارقة، الأمر الذي يُعيد مصر إلى موقع الصدارة في وجه السياحة الثقافية العالمية، ولا سيما أنها بمنزلة حافز كبير لإجراء الدراسات عليها.